انتقل المثمن الى ملك المشتري ولو تلف تلف من ماله ، ولا معنى للتدارك هنا ، بل قد ينافي ما ذكرنا بعض كلماته بعد التفسير السابق ، لأنه قال :
«ثمَّ تداركه من ماله تارة يكون بأداء عوضه الجعلي الذي تراضى هو والمالك على كونه عوضا ، وأمضاه الشارع ، كما في المضمون بسبب العقد الصحيح ، واخرى بأداء عوضه الواقعي ، وهو المثل أو القيمة وان لم يتراضيا عليه.».
فان من الواضح ان أداء المسمى في البيع الصحيح لا يتوقف على تلف المثمن بل هو مقتضى المبادلة سواء تلف واحد منهما بعدد ذلك أو لم يتلف.
واما ما هو المعروف من ان الضمان في الفاسد يكون بالمثل أو القيمة دائما أيضا قابل للنقض والإبرام ، فإذا كان المسمى أقل من قيمة المثل فكيف يمكن القول بكون المشتري مثلا ضامنا للمثل ، مع ان البائع سلّطه على ماله ورخص له إتلافه في مقابل شيء أقل منه ، لا سيما إذا كان عالما بالفساد شرعا ، فكما ان الأخذ غير ضامن في مثل الهبة بدليل تسليط المالك له عليه مجانا ، فكذلك هنا سلطه على ماله بعوض أقل من عوضه الواقعي ، فكأنه رخص له في الإتلاف بهذا المقدار مجانا ، ولعله اليه يرجع ما حكى عن بعض من وجوب أداء أقل الأمرين ، من العوض الواقعي والجعلي في بعض المقامات ، مثل تلف الموهوب بشرط التعويض قبل دفع العوض.
الثالث : هل العموم باعتبار أنواع العقود أو أصنافه أو اشخاصه؟
اختلفوا في ان عموم قاعدة ما يضمن أصلا وعكسا هل هو باعتبار أنواع العقود أو أصنافه ، أو أشخاصه ، فلو كان عقد كالبيع بحسب نوعه موجبا للضمان (لوجود العوض فيها) لصحيحة لضمن لفاسده ، ولو كان شخص البيع لا يوجب ضمانا كالبيع بلا ثمن.