(٢) من المدعى ومن المنكر؟
قد عرفت ان هذه القاعدة حاكمة على جميع أبواب المنازعات لا تختص بباب دون باب ولكن الكلام بعد في المراد من «المدعي» و «المنكر» (كما في قليل من النصوص) أو «المدعي» و «المدعى عليه» (كما في أكثرها) وهو المهم في هذا الباب ويتفرع عليه فروع كثيرة.
واختلف الأصحاب في تفسيرهما وقد ذكروا في تعريف المدعي ، الذي يستفاد منه مقابله ، أمورا :
١ ـ ما هو المحكي عن المشهور ان المدعي هو الذي يترك لو ترك الخصومة ـ ذكره المحقق في الشرائع والعلامة في القواعد وغيرهما.
٢ ـ «المدعي» هو الذي يدعي خلاف الظاهر ، فمن ادعى ان المال الذي في يد الأخر ماله لا بد عليه من اقامة البينة ، لأن قوله مخالف لظاهر اليد ، وكذلك من يدعي إرادة المجاز من لفظ عقد أو وصية أو غيرهما ، ويطلب بذلك شيئا ، فعليه إقامة البينة.
ذكر هذا التعريف في القواعد ، وظاهر كلامه انه موافق للتعريف الأول في المعنى والنتيجة.
٣ ـ المدعي من يكون قوله مخالفا للأصل ، كمن يدعي اشتغال ذمة شخص بشيء ، مع ان الأصل براءته ـ ذكره ذلك أيضا في القواعد والشرائع.
٤ ـ المدعي هو الذي يدعي أمرا خفيا وهذا أخص من كثير من التعاريف السابقة ـ ذكر هذا التعريف أيضا في الشرائع ـ أو أمرا خفيا يخالف الظاهر ـ كما هو المحكى عن الجمهور.
٥ ـ وعن الدروس المدعي هو الذي يخلّى وسكوته ، أو يخالف الأصل ، أو الظاهر.