قوله «هدم الإسلام ما كان قبله» يوجب العمل بهذا في سائر الأسباب والشرائط الشرعية ولا تظن أحدا يلتزم به ، فالأولى أن يقال ان العمومات تقتضي القول باعتبار طلاقه قبل الإسلام ، وحصول التطليقات الثلاث في مفروض المسألة فتحرم عليه المرأة ، وأما الحديث لا جابر له فاللازم إيكال أمرها إلى أهلها.
ويؤيد ما ذكرنا ما ورد في عدة النصرانية إذا أسلم ، فقد روى زرارة في رواية صحيحة عن أبي جعفر عليهالسلام قال سألته عن نصرانية ـ الى أن قال ـ إذا أسلمت بعد ما طلقها ، فان عدتها عدة المسلمة (الحديث) (١).
فإنها صريحة في صحة طلاقها من زوجها ، ويبقى عليها العدة ، وحيث انها أسلمت يجب عليها الاعتداد بعدة المسلمة.
هذا تمام الكلام في مفهوم الروايات ومحتواها ، وسعة دائرتها ، ومقدار شمولها وبيان ما هو خارج عنها أو داخل فيها وتحصل من جميع ذلك أن القاعدة لا ترد عليه تخصيصات كثيرة ولو ثبت تخصيص في بعض الموارد فاللازم الأخذ به ويبقى الباقي تحتها.
٣ ـ بناء العقلاء هنا
ومما يدل على قاعدة الجب أو يؤكدها تأكيدا تاما ما أسلفناه عند الكلام في السنة وانها بشكل آخر دارجة بين العقلاء وأهل العرف ، ولعل الشارع أمضاها ، وهو ان القوانين عندهم لا تعطف على ما سبق ، ومرادهم من ذلك ان القوانين المجعولة عندهم لا تشمل المصاديق التي كانت سابقة على جعلها ، لا سيما إذا كان من العقوبات والداخل في دين جديد في الواقع يكون كمن سبق قانونا فلا يشمله ذلك.
وحكمة هذا الأصل بينهم ان شمول القوانين لما سبق من المصاديق كثيرا ما
__________________
(١) الوسائل ج ١٥ كتاب الطلاق أبواب العدد الباب ٤٥ الحديث ١.