وقال في «مفتاح الكرامة» في كتاب «المزارعة» بعد قول الماتن «وهو عقد لازم من الطرفين» ما نصه : «إجماعا كما في جامع المقاصد والمسالك ومجمع البرهان. وكأنه إجماع ، لأن الأصل في العقود اللزوم ، الا ما أخرجه الدليل ، للأمر بالوفاء بالعقود في قوله تعالى (أَوْفُوا بِالْعُقُودِ)(١).
وبالجملة لا يخفى على الناظر في كلمات الأصحاب في العقود المختلفة ان الأصل عندهم في كل عقد اللزوم ، الا ما خرج بالدليل ، ومن الواضح ان الإجماع في أمثال هذه المسائل وان كان مؤيدا للمطلوب ومرجحا له ، لكنه ليس شيئا يركن اليه ودليلا مستقلا بنفسه بعد إمكان استناد المجمعين إلى الأدلة الأخرى التي ستمر عليك ان شاء الله.
مدارك قاعدة اللزوم
١ ـ استدل له من كتاب الله بما مر ذكره من قوله تعالى (يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَوْفُوا بِالْعُقُودِ)(٢).
وتقريب الاستدلال بها ظاهر ، لان جميع المعاملات بالمعنى الأعم داخلة في عنوان العقود ، وهو جمع محلى باللام يفيد العموم ، مضافا الى كونها في مقام الإطلاق مع عدم ورود قيد عليه ، والعقد بأي معنى فسر شامل لها ، والأمر بالوفاء دليل على وجوب العمل على طبق العقد ، ولازمه عدم تأثير الفسخ ، فإن الأمر وان كان دليلا على الوجوب التكليفي الا انه يدل على الحكم الوضعي في أبواب المعاملات واجزاء العبادات وشرائطها إذا تعلق الأمر أو النهي بعنوان المعاملة ، أو اجزاء العبادة لا بعنوان آخر ينطبق عليه كما حقق في محله وان شئت قلت ، الأمر بالوفاء بالعقد
__________________
(١) مفتاح الكرامة ج ٧ ص ٣٠٠.
(٢) سورة المائدة : الاية ١.