دليل على تأثيره ، فالوفاء من آثاره ، لا انه واجب مستقل تكليفي ، وحينئذ يدل على الحكم الوضعي دلالة واضحة.
وما قد يتوهم ان لازمه تخصيص الأكثر لخروج العقود الجائزة كلها والعقود اللازمة بأنواع الخيارات ، مدفوع ، بأن كون المعاملات الجائزة من العقود حقيقة لا يخلو عن تأمل ، لأنها تدور غالبا مدار الاذن الحاصل من المالك وشبهه ، وهذا أمر وراء العقد ، وان شئت قلت «العقد» عبارة عن التزام في مقابل التزام ، وليس في غالب العقود الجائزة إلا التزام من طرف واحد ، وبعبارة أوضح هي اجازة ورضى من طرف واحد كما ذكر في محله.
واما الخيارات فليست مستوعبة لأكثر العقود بحسب أزمانها بل استثنائات جزئية من هذه الجهة والا فأكثرها في أكثر الأزمنة لازمة باقية ، وحينئذ لا يلزم التخصيص المستهجن ابدا.
وقوله تعالى (لا تَأْكُلُوا أَمْوالَكُمْ بَيْنَكُمْ بِالْباطِلِ إِلَّا أَنْ تَكُونَ تِجارَةً عَنْ تَراضٍ مِنْكُمْ)(١).
دل على حرمة أكل المال بالباطل ، ومن الواضح انه إذا انتقل عين الى ملك آخر فصار المال ماله لا يجوز إخراجه عن يده بغير رضاه ، فلو فسخ البيع أو شبهه بدون اذنه وأخذ المال فقد اكله بالباطل.
هذا وقد يورد عليه بان الآية ناظرة إلى الأسباب لا شرائط العوضين ، وبعبارة أخرى : ناظرة الى ما كان من قبيل رضى المتعاملين في مقابل القهر والغصب والرشوة والغش وغيرها من طرق السيطرة على مال الغير بالباطل.
ويؤيده قوله تعالى في آية أخرى (وَلا تَأْكُلُوا أَمْوالَكُمْ بَيْنَكُمْ بِالْباطِلِ وَتُدْلُوا بِها إِلَى الْحُكَّامِ لِتَأْكُلُوا فَرِيقاً مِنْ أَمْوالِ النَّاسِ بِالْإِثْمِ وَأَنْتُمْ تَعْلَمُونَ)(٢).
__________________
(١) سورة النساء : الاية ٢٩.
(٢) سورة البقرة : الاية ١٨٨.