وقال في «المسالك» في «كتاب الشركة» : «والأشبه في الحيازة اختصاص كل واحد بما حازه من الحيازة» (١).
وسيأتي الكلام ان شاء الله مستقصى في معنى الحيازة ، وانها هل هي مجرد السلطة على شيء من دون الحاجة الى النية ، أو انها أمر قصدي مضافا الى السلطة لا يصح الا للمباشر ، أو هي سلطة مع النية ولكن تقبل الوكالة والنيابة ، وتصح من المباشر وغير المباشر ، أو أنها تابعة لملك المنافع فمن ملك منفعة إنسان بالإجارة أو غيرها تملك ما حازه ، قصد أم لم يقصد.
ولكن يتم هذا البحث بعد بيان مدارك القاعدة وتحقيق مؤداها فنقول ومن الله نستمد التوفيق :
«مدرك القاعدة»
الأول : بناء العقلاء
وهذه القاعدة كغيرها من القواعد الفقهية متخذة من بناء العقلاء ، أمضاها الشارع مع قيود ، أو بغير قيد ، فلنرجع أولا إلى بناء العقلاء في ذلك ونقول :
ان الله خلق الإنسان وأودع فيه ودائع قيّمة ليعبده ويتقرب اليه ، وبما انه مركب من الجسم والروح خلق له في الأرض ما يتقوى به جسمه ، فقال تعالى (هُوَ الَّذِي خَلَقَ لَكُمْ ما فِي الْأَرْضِ جَمِيعاً)(٢) فرخص له الانتفاع بمواهبها والتمتع من نعمها ، وإذا راجعنا الى ابتداء خلق الإنسان في الأرض نرى انه لم يكن مالكا لشيء ثمَّ اختص بأشياء ولم يكن ذلك الا من طريق الحيازة.
__________________
(١) المسالك ج ١ كتاب الشركة ص ٢٧٤.
(٢) البقرة : ٢٩.