أنكر إذا كان بينهما خلطة»!
وفيه ان هذا حديث شاذ ، مخالف لما رواه المحدثون من الخاصة والعامة في كتبهم ، وقد عرفت إيراد الحديث بطرق متواترة أو كالمتواترة ليس في شيء منها هذا القيد ، ولو كان لبان ، وظهر ظهورا تاما لكثرة الابتلاء به.
واستدلوا أيضا بأنه لو لا هذا الشرط لاجترأ السفهاء على ذوي المروات فادعوا عليهم بدعاوي فاضحات فإن أجابوا افتضحوا ، وان صالحوا على مال ذهب مالهم.
وهذا أضعف من سابقة فإنه معارض بأنه لو اشترط الخلطة لضاعت حقوق كثيرة لأنه كثيرا ما تكون الحقوق في غير ذوي الخلطة.
هذا ، مضافا الى ما نرى في الخارج من العمل بالروايات المعروفة مع عدم وجود ما ذكره من المحذور ، ولو فرض وقوع ذلك نادرا لا يكون مانعا عن الأخذ بالقواعد الكلية ، فكم من قاعدة كلية يرد عليها في مثل هذه النقوض في موارد جزئية.
وبالجملة هذا الشرط ضعيف في الغاية. ولذا التجأ بعضهم بالاستثناء من اعتبار الخلطة مواضع مثل الصانع والمتهم بالسرقة ، والوديعة ، والعارية ، وغير ذلك.
٤ ـ هل المدار في المدعي والمنكر مصب الدعوى أو نتيجتها وغايتها؟
وقلما وقع البحث عنه في كلماتهم مع انه من الأمور المبتلى بها في القضاء ، وله أمثلة كثيرة منها ما إذا تنازعا في ان العقد الواقع منهما كان بيعا أو هبة ، فالمالك للمثمن يدعي كونه هبة ، وغرضه إمكان الرجوع فيه ، لأن الهبة جائزة ، والأخذ يدعي كونه بيعا حتى يكون لازما.
فان كان الملاك هو مصب الدعوى فلا شك انه من قبيل التداعي لأن كل واحد منهما يدعي أمرا مخالفا للأصل فكل منهما مدع لأمر ومنكر لما يدعيه الأخر