عدالة المسلم كما أشار إليه سابقا ، كما ان عدم قبول القاضي لقول من لا يخبر بالسبب فإنما هو بسبب اختلاف الفتاوى عندهم ، فالمتحصل منها حجية خبر العدل عنده على الإطلاق.
فلنرجع الى بيان مدرك القاعدة وما قيل أو يمكن ان يقال فيه ونقل الأدلة عليه :
المقام الثاني
في مدرك القاعدة
يدل عليها الكتاب العزيز والسنة المستفيضة ، وبناء العقلاء.
الأول : كتاب الله
أقوى ما يدل عليه هو آية النبإ ، قال الله تعالى :
(إِنْ جاءَكُمْ فاسِقٌ بِنَبَإٍ فَتَبَيَّنُوا أَنْ تُصِيبُوا قَوْماً بِجَهالَةٍ فَتُصْبِحُوا عَلى ما فَعَلْتُمْ نادِمِينَ)(١)
وقد ذكرنا في مباحث خبر الواحد من الأصول انه يمكن الاعتماد على دلالة الاية باعتبار مفهوم الوصف في أمثال المقام ، مما يكون ظاهره الاحتراز بالوصف عن غيره ، ولذا إذا عرضنا الآية على أهل العرف وقلنا ان الفاسق لا يقبل خبره يفهمون منه ان خبر العدل مقبول.
وما قد يقال ان ذكر عنوان «الفاسق» هنا انما هو لبيان فسق الوليد وكفى بذلك فائدة في ذكر الوصف ، فاسد جدا ، مخالف لما يفهم منه عرفا.
أضف الى ذلك ان الآية لا تقصد بيان قضية خاصة بل مفادها حكم عام وقانون كلي بالنسبة إلى المؤمنين كلهم في جميع الموارد ، ولذا يقول (يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنْ جاءَكُمْ ...).
__________________
(١) الحجرات : ٥.