ان العقود والإيقاعات أمور قصدية ، بل القصد قوامها ، وداخل في هويتها ، وبعبارة أوضح حقيقة العقود والإيقاعات أمور اعتبارية إنشائية ، ومن الواضح ان الإنشاء والاعتبار قائم بقصد المعتبر ، وهو كالإيجاد في عالم التكوين ، فكما ان الخالق تعالى شأنه يوجد الأشياء بإرادته ، وإذا أراد شيئا فإنما يقول له كن فيكون فكذلك المعتبر في عالم الاعتبار ، فهو بحول الله وقوته يعتبر الأمور الاعتبارية وينشأها فلو لا القصد لم يكن منها عين ولا أثر.
أضف الى ذلك ان العقد ، هو «الإلزام» و «الالتزام» وماهية الالتزام هو قبول شيء وجعله في عهدته وهل يمكن قبول شيء بلا قصد؟
فقد ظهر مما ذكرنا انا لا نحتاج في هذه المسألة إلى التمسك بالأصل ، لأن الأصل انما يحتاج إليه في موارد الشك وليس هنا شك ، لأنه لا يتصور وجود العقد بدون القصد ، وكذلك كيفيتها وأركانها وشرائطها تتبع القصود ، لأن شيئا يكون قوامه بالقصد جميع خصوصياته أيضا تنشأ منه لا محالة ، فتمسك بعض الأعيان بأصالة الفساد هنا لم يظهر له وجه.
كما قد ظهر أيضا انه لا يمكن التمسك في هذه المسألة بالإجماع ، لأنه ليست قضية متخذة من الأئمة الطاهرين عليهمالسلام بل هو مبني على بناء العقلاء بل مقتضى حكم العقل الممضاة من قبل الشارع المقدس.
كما ان الاستدلال عليه بان الأعمال بالنيات أيضا أجنبي عن موضوع البحث لما أشرنا إليه آنفا.
وبالجملة هذه المسألة أوضح من ان تحتاج الى مزيد بحث بعد وضوح قيام العقود في وجودها وهويتها وذاتها بالقصد.