ومن الجدير بالذكران الامانة بالمعنى الأول يناسب مقام الثبوت ، وبالمعنى الثاني يناسب البحث عن مقام الإثبات ، وكن من هذا على بصيرة فإنه ينفعنا في جميع أبحاث المسألة.
وإذ قد عرفت ذلك فلنرجع الى البحث عن مدارك القاعدة «أولا» وعن محتواها «ثانيا» ، وعما يتفرع عليها «ثالثا».
١ ـ في أدلة القاعدة
يمكن الاستدلال عليها بعد الإجماع اللائح من كلمات القوم ، وعدم ظهور المخالف فيها ، بالكتاب والسنة وبناء العقلاء.
اما من كتاب الله فقد استدل بقوله تعالى (ما عَلَى الْمُحْسِنِينَ مِنْ سَبِيلٍ)(١) وكون الأمين محسنا واضح.
كما ان الضمان سبيل فينفى عنه بمقتضى الآية.
والآية وان وردت في مورد الجهاد واستثناء المرضى والضعفاء وأشباههم عن حكمه إذا نصحوا لله ورسوله ، ولكن التعليل فيها عام يشمل المورد وغيره.
هذا والاستدلال به لا يخلو عن إشكال فإن صدق المحسن بالنسبة إلى الودعي ومن يتبرع بحفظ متاع كآخذ اللقطة ليجد صاحبها ، وشبه ذلك ظاهر ولكن صدقه بالنسبة إلى الأجير والمستعير والعامل في المضاربة ونظائرهم ممن يأخذ المال من مالكه لمنفعة نفسه مشكل جدا ، فاذا لا تندرج تحت الآية الا موارد يسيرة من القاعدة ويخرج منها أكثرها.
وأما من السنة : فهي طوائف كثيرة من الاخبار :
__________________
(١) سورة التوبة : الاية ٩١.