وكذلك العارية فإنها بنوعها لا يوجب الضمان ، ولكن صنف منها وهي العارية المضمونة أي المشروطة بالضمان ، أو عارية الذهب والفضة فإنها موجبة للضمان على المشهور ، فهل يكفي وجود الضمان أو عدمه في نوع البيع ونوع العارية ، أو الأمر يدور مدار الصنف أو أشخاص المعاملات؟
قال شيخنا العلامة الأنصاري (قدسسره) : «ان العموم في العقود ليس باعتبار خصوص الأنواع ليكون افراده مثل البيع والصلح والإجارة لجواز كون نوع لا يقتضي بنوعه الضمان ، وانما المقتضي له بعض أصنافه فالفرد الفاسد من ذلك الصنف يضمن به دون الفرد الفاسد من غير ذلك الصنف ، مثلا الصلح بنفسه لا يوجب الضمان لأنه قد لا يفيد إلا فائدة الهبة غير المعوضة ، أو الإبراء ، فالموجب للضمان هو المشتمل على المعاوضة ، فالفرد الفاسد من هذا القسم موجب للضمان أيضا (انتهى محل الحاجة).
ولكنه قده لم يذكر دليلا على هذا المدعى ، ولذا خالفه بعض من تأخر عنه ، وقال بان المعيار اشخاص العقود وهذا هو الأقوى.
بيانه : انا أبناء الدليل نحذو حذوه ونقتفي أثره ، وقد عرفت ان العمدة في أصل القاعدة هو احترام الأموال والمنافع وعدم جواز السلطة عليها بغير اذن صاحبها.
وحينئذ لا محيص لنا الا من ملاحظة شخص العقد فلو باع رجل داره بلا ثمن وعلم ان البيع بلا ثمن فاسد شرعا ، ولكنه اعطى الدار للمشتري بانيا على صحة هذه المعاملة بحكم العرف وغير مبال بحكم الشرع فالمشتري غير ضامن لا لأصل الدار ، ولا لمنافعه ، لان صاحبه هو الذي سلّطه على ماله بلا ثمن ، نعم لو كان الإقباض بتوهم صحة البيع شرعا ، ولم يرتض بتسليط الغير على ماله لو لا الصحة ، وكان جاهلا بالحال كان الأخذ ضامنا.