وقيّدوا ركائبهم وسرّحوها ، وصنعوا لأنفسهم طعاما (١).
قال ابن اسحاق : وكان ذلك في آخر يوم من رجب ، فقال القوم : والله لئن تركتم القوم هذه الليلة ليدخلنّ الحرم فليمتنعنّ به منكم ، ولئن قتلتموهم لتقتلنّهم في الشهر الحرام (٢) وقال قائل منهم : لا نعلم هذا اليوم الّا من الشهر الحرام ولا نرى أن تستحلّوه لطمع أشفيتم عليه.
وقال قائل : لا يدرى أمن الشهر الحرام هذا اليوم أم لا؟
وغلب على الأمر الذين كانوا يريدون عرض الحياة الدنيا (٣) فشجّعوا أنفسهم عليهم وأجمعوا على قتل من قدروا عليه منهم وأخذ ما معهم (٤).
فخرج واقد بن عبد الله يقدم القوم قد فوّق سهمه في قوسه وكان لا يخطئ ، فرمى عمرو بن الحضرمي بسهم فقتله. وشدّ القوم عليهم. فهرب نوفل ابن عبد الله ، واستأسر عثمان بن عبد الله والحكم بن كيسان (مولاهم) واستاقوا العير (٥).
وأقبل عبد الله بالأسيرين والعير ، وكان ذلك قبل أن يفرض الله الخمس في المغانم ، فقال عبد الله لأصحابه : إنّ لرسول الله مما غنمنا الخمس ، فعزل لرسول الله خمس العير ، وقسم سائرها بين أصحابه.
فلما قدموا على رسول الله المدينة قال : ما أمرتكم بقتال في الشهر الحرام.
فلما قال رسول الله ذلك سقط في أيدي القوم وظنّوا أنهم قد هلكوا. وعنّفهم اخوانهم من المسلمين فيما صنعوا.
__________________
(١) مغازي الواقدي ١ : ١٤.
(٢) بالحرمة القديمة أو بالسنة. والخبر في السيرة ٢ : ٢٥٣.
(٣) مغازي الواقدي ١ : ١٤.
(٤) ابن هشام ٢ : ٢٥٣.
(٥) مغازي الواقدي ١ : ١٥.