فقام (أبو بكر) فقال : يا رسول الله ، إنها قريش وخيلاءها ، ما آمنت منذ كفرت ، ولا ذلّت منذ عزّت!
ولم تخرج (أنت) على هيئة الحرب! (١).
فقال رسول الله له : اجلس. فجلس. فقال : أشيروا عليّ.
فقام (عمر بن الخطّاب) فقال مثل مقال الأوّل.
فقال صلىاللهعليهوآله له : اجلس. فجلس.
ثمّ قام المقداد فقال : يا رسول الله ، إنّا قد آمنّا بك وصدّقناك ، وشهدنا أنّ ما جئت به حقّ من عند الله ، ولو أمرتنا أن نخوض جمر الغضا (٢) وشوك الهراش (٣) لخضنا معك. ولا نقول لك ما قالت بنو اسرائيل لموسى : «اذهب أنت وربّك فقاتلا إنّا هاهنا قاعدون» (٤) ولكنّا نقول : اذهب أنت وربّك فقاتلا إنّا معكما مقاتلون.
__________________
(١) اجمل ابن اسحاق فقال : فقال وأحسن وكذلك عن عمر ٢ : ٢٦٦ كذلك فعل الواقدي ١ : ٤٨ في أبي بكر ، وعن عمر قال : ثم قال : يا رسول الله ، إنها قريش وعزّها ، والله ما ذلّت ـ منذ عزّت ، والله ما آمنت منذ كفرت ، والله لا تسلم عزّها أبدا ، ولتقاتلنّك فاتّهب لذلك اهبته وأعدّ لذلك عدّته ١ : ٤٨. وفي صحيح مسلم ٥ : ١٧٠ ومسند أحمد ٣ : ٢١٩ والبداية والنهاية ٣ : ٢٦٣ والسيرة النبويّة لابن كثير ٢ : ٣٩٤ : فأعرض عنه.
(٢) الغضا : شجر عظيم صلب الأخشاب يتّقد طويلا.
(٣) الهراش : شجر شائك.
(٤) المائدة : ٢٤ ، وعلّق العلّامة الطباطبائي على الموضع فقال : في بعض الأخبار ما يشعر بأنّ هذه الآيات نزلت قبل غزوة بدر في أوائل الهجرة على ما ستجيء الإشارة إليها في البحث الروائي التالي. الميزان ٥ : ٢٨٦ ولكنّه في البحث الروائي التالي لم يعد على الموضوع بشيء. وقال القمّي بعد الآية ٢١ : إنّ ذلك نزل بعد قوله (لَنْ نَصْبِرَ عَلى طَعامٍ واحِدٍ ..) فنصف الآية في سورة البقرة ونصفها في سورة المائدة ـ تفسير القمّي في المقدّمة ١٢ و ١٦٤.