فلما نظرت قريش الى قلة أصحاب رسول الله ، قال عتبة بن ربيعة لأبي جهل : أترى لهم مددا أو كمينا؟
فبعثوا عمر بن وهب الجمحي لينظر ذلك ، وكان فارسا شجاعا ، فجال بفرسه حتى طاف معسكر رسول الله فرجع الى قريش وقال لهم :
ما لهم مدد ولا كمين ، ولكن نواضح يثرب (١) قد حملت الموت الناقع! أما ترونهم خرسا لا يتكلمون! يتلمّظون تلمّظ الأفاعي! ما لهم ملجأ الا سيوفهم! وما أراهم يولون حتى يقتلون! ولا يقتلون حتى يقتلون بعددهم! فارتئوا رأيكم!.
فقال أبو جهل : كذبت وجبنت وانتفخ سحرك (٢) حين نظرت الى سيوف يثرب!.
وبعث رسول الله الى قريش من يقول لهم عنه : (٣)
يا معشر قريش ، ما أحد من العرب أبغض إلي ممن بدأ بكم (٤) خلّوني
__________________
ـ والعدل ، فاقدني! فكشف رسول الله عن بطنه وقال : استقد. فاعتنق سواد رسول الله ثم انحنى فقبّل بطنه! فقال رسول الله : يا سواد ما حملك على هذا؟ قال : يا رسول الله ، حضر ما ترى فاردت أن يكون آخر العهد بك أن يمسّ جلدي جلدك! فدعا له رسول الله بخير ٢ : ٢٧٨ وليس قبيل وفاته كما زعم بعضهم.
(١) النواضح جمع الناضحة وهي الناقة على البئر يجلب عليها الماء.
(٢) السحر : الرّية والجوف ومنه سحر الليل أي جوفه ، وانتفخ سحرك أي ريتك أو جوفك من الخوف.
(٣) قال الواقدي ١ : ٦١ : أرسل النبي صلىاللهعليهوسلم عمر بن الخطاب الى قريش.
(٤) كذا ، اي : ليس هناك في العرب من يكون اكثر مبغوضا عندي ممن يبدأ القتال معكم ، فانا ابغض أن أبدأ بالقتال معكم إن لم تقاتلوني.