وعليه فالآية في غير محلّها من حيث ترتيب النزول في السورة.
ولكن روى الطبرسي في «مجمع البيان» خبرا آخر عن الصادق عليهالسلام أيضا قال : كان المسلمون يرون أن الصفا والمروة مما ابتدع أهل الجاهلية ، فأنزل الله هذه الآية (١) وقد مرّ أن بعض المسلمين كانوا يحجون أو يعتمرون قبل عمرة القضاء ومنهم سعد بن النعمان بن أكّال الأنصاري بعد بدر ، الذي حبسه أبو سفيان رهينة لابنه الأسير عمرو بن أبي سفيان حتى أطلقه المسلمون بأمر رسول الله صلىاللهعليهوآله. كما اعتمر قبله قبل بدر سعد بن معاذ أيضا (٢).
فلعلّ هذا الظنّ من المسلمين كان اذ ذاك ، فنزلت الآية في سياق آيات سورة البقرة بعد بدر لتدفع ذلك الوهم لديهم.
وكما أن الآية السابقة غير متحدة السياق مع ما قبلها من آيات القبلة (٣) كذلك هي غير متحدة السياق مع ما بعدها ، فهي في الذين يكتمون الهدى والبيّنات من كتاب الله السابق ، وهو التوراة حسب ابتلاء المسلمين بهم في المدينة : (إِنَّ الَّذِينَ يَكْتُمُونَ ما أَنْزَلْنا مِنَ الْبَيِّناتِ وَالْهُدى مِنْ بَعْدِ ما بَيَّنَّاهُ لِلنَّاسِ فِي الْكِتابِ أُولئِكَ يَلْعَنُهُمُ اللهُ وَيَلْعَنُهُمُ اللَّاعِنُونَ* إِلَّا الَّذِينَ تابُوا وَأَصْلَحُوا وَبَيَّنُوا فَأُولئِكَ أَتُوبُ عَلَيْهِمْ وَأَنَا التَّوَّابُ الرَّحِيمُ)(٤).
وروى ابن اسحاق بسنده الى ابن عباس قال : سأل معاذ بن جبل ، وسعد ابن معاذ ، وخارجة بن زيد نفرا من أحبار اليهود عن بعض ما في التوراة
__________________
(١) مجمع البيان ١ : ٤٤٠.
(٢) مغازي الواقدي ١ : ٣٥.
(٣) الميزان ١ : ٣٨٨.
(٤) البقرة : ١٥٩ ، ١٦٠ الى ١٦٩ او اكثر.