واسقط في أيدي القوم وظنّوا أنهم قد هلكوا ..
فأنزل الله سبحانه : (يَسْئَلُونَكَ عَنِ الشَّهْرِ الْحَرامِ قِتالٍ فِيهِ ..).
فلما نزل ذلك أخذ رسول الله المال وفداء الأسيرين (١).
أما في تفسيره «مجمع البيان» فقد نقل القول عن المفسّرين الى أن قال :
فركب وفد كفار قريش حتى قدموا على النبيّ فقالوا : أيحلّ القتال في الشهر الحرام؟ فأنزل الله هذه الآية وانما سألوا ذلك على جهة العيب للمسلمين باستحلالهم القتال في الشهر الحرام (٢) وعليه فالسائل هو وفد مشركي قريش من مكة ، وقبله نقله الطوسي في «التبيان» عن الحسن البصري (٣) فلعله هو الوفد الذي وفد عليه لفداء أسراء بدر بعد بدر ، وهم أربعة عشر رجلا ، وفدوا عليه بعد رجوعه من بدر بأربعة أيام أو خمسة ، أي في شهر رمضان قبل انقضائه. وهذا هو المنسجم مع الترتيب الطبيعيّ للآيات.
وروى الواقدي بسنده عن أبي بردة بن نيار قال : إن النبيّ صلىاللهعليهوآله وقّف غنائم أهل نخلة ومضى الى بدر ، فلما رجع من بدر ... قالوا : ونزل القرآن وفيه : (يَسْئَلُونَكَ عَنِ الشَّهْرِ الْحَرامِ) قسّمها مع غنائم أهل بدر واعطى كل قوم حقّهم قالوا : وكان فداؤهم أربعين أوقيّة لكل واحد ، والاوقيّة أربعون درهما.
وروى بسنده عن محمد بن عبد الله بن جحش قال : كان لأهل الجاهلية المرباع (أي ربع الغنيمة للرئيس) فلما رجع عبد الله بن جحش من نخلة خمّس ما غنم للنبيّ ، فكان أول خمس خمّس في الإسلام ، ثم نزل بعد : (وَاعْلَمُوا أَنَّما غَنِمْتُمْ
__________________
(١) إعلام الورى ١ : ١٦٧.
(٢) التبيان ٢ : ٢٠٤.
(٣) مغازي الواقدي ١ : ١٨.