والثاني : أنه بيّن أنّ فيهما الإثم ، وقد حرّم في آية اخرى الإثم فقال : (قُلْ إِنَّما حَرَّمَ رَبِّيَ الْفَواحِشَ ما ظَهَرَ مِنْها وَما بَطَنَ وَالْإِثْمَ)(١).
ولا ارتباط بين هذا السؤال والجواب وبين بدر وما تلاها.
أمّا المقطع الآخر من الآية : (وَيَسْئَلُونَكَ ما ذا يُنْفِقُونَ)؟
وقد سبقت الآية المماثلة : (يَسْئَلُونَكَ ما ذا يُنْفِقُونَ)؟ قبل أربع آيات ، واختلف الجواب : فهناك (قُلْ ما أَنْفَقْتُمْ مِنْ خَيْرٍ) وهنا : (قُلِ الْعَفْوَ) وقد مرّ هناك أنّ السائل كان عمرو بن الجموح ، وقد مرّ هناك احتمال أن يكون الباعث على السؤال الآية التي تسبقها بعشر آيات : (وَأَنْفِقُوا فِي سَبِيلِ اللهِ وَلا تُلْقُوا بِأَيْدِيكُمْ إِلَى التَّهْلُكَةِ)(٢) وهنا يكرّر الطبرسي : أنّ السائل عمرو بن الجموح ، ويصرّح بأنّه : سأل عن النفقة في الجهاد (٣) فلعلّه قد تكرّر السؤال مرة اخرى عن حدّ الانفاق فاجيب (قُلِ الْعَفْوَ).
وروى الطوسي في «التبيان» عن الباقر عليهالسلام قال : العفو : ما فضل عن قوت السنة.
وروى عن الصادق عليهالسلام قال : العفو هاهنا : الوسط (٤).
وروى العياشي في تفسيره عنه عليهالسلام أربع روايات بذلك عن يوسف ، وأبي بصير ، وعبد الرحمن ، وجميل بن درّاج ، وتلا قوله سبحانه : (وَالَّذِينَ إِذا أَنْفَقُوا لَمْ يُسْرِفُوا وَلَمْ يَقْتُرُوا وَكانَ بَيْنَ ذلِكَ قَواماً) وقال : هذه هي الوسط (٥).
__________________
(١) مجمع البيان ٢ : ٥٥٨.
(٢) البقرة : ١٩٥.
(٣) مجمع البيان ٢ : ٥٥٨.
(٤) التبيان ٢ : ٢١٤. وعنه في مجمع البيان ٢ : ٥٥٨.
(٥) تفسير العياشي ١ : ١٠٦.