وقد روى الكليني في «الكافي» عن علي بن يقطين قال : سأل المهدي (العبّاسيّ) أبا الحسن (الكاظم) عليهالسلام عن الخمر : هل هي محرمة في كتاب الله عزوجل؟ فان الناس انما يعرفون النهي عنها ولا يعرفون تحريمها!
فقال له أبو الحسن عليهالسلام : بل هي محرمة.
فقال : في أي موضع هي محرمة في كتاب الله عزوجل يا أبا الحسن؟
فقال : قول الله تعالى : (... إِنَّما حَرَّمَ رَبِّيَ الْفَواحِشَ ما ظَهَرَ مِنْها وَما بَطَنَ وَالْإِثْمَ وَالْبَغْيَ بِغَيْرِ الْحَقِّ ...)(١) فأما الاثم فهي الخمر بعينها وقد قال الله تعالى في موضع آخر : (يَسْئَلُونَكَ عَنِ الْخَمْرِ وَالْمَيْسِرِ قُلْ فِيهِما إِثْمٌ كَبِيرٌ وَمَنافِعُ لِلنَّاسِ وَإِثْمُهُما أَكْبَرُ مِنْ نَفْعِهِما).
فقال المهدي : يا علي بن يقطين ، هذه فتوى هاشمية.
فقلت له : صدقت يا أمير المؤمنين ، الحمد لله الذي لم يخرج هذا العلم منكم أهل البيت. فو الله ما صبر المهدي أن قال لي : صدقت يا رافضي! (٢).
وقد نقل الطوسي في «التبيان» هذا المعنى عن العامة منهم الحسن البصري قال : هذه الآية تدل على تحريم الخمر ، لأنّه ذكر أن فيها إثما ، وقد حرّم الله الاثم بقوله : (قُلْ إِنَّما حَرَّمَ رَبِّيَ الْفَواحِشَ ما ظَهَرَ مِنْها وَما بَطَنَ وَالْإِثْمَ) على أنه قد وصفها بأنّ فيها اثما كبيرا ، والكبير يحرم بلا خلاف (٣).
وقال الطبرسي في «مجمع البيان» : قال الحسن : في الآية تحريم الخمر من وجهين : احدهما : قوله : (وَإِثْمُهُما أَكْبَرُ مِنْ نَفْعِهِما) فانه اذا زادت مضرة الشيء على منفعته اقتضى العقل الامتناع عنه.
__________________
(١) الاعراف : ٣٣.
(٢) فروع الكافي ٦ : ٤٦ ، الحديث الأوّل.
(٣) التبيان ٢ : ٢١٣.