اليهود؟! قالوا : يا أبا الحباب لا نقيم بدار أصاب وجهك فيها هذا ولا نقدر أن نغيره! فجعل ابن ابي يصيح عليهم يقول : ويحكم قرّوا! وجعلوا هم يتصايحون : لا نقيم بدار أصاب وجهك فيها هذا ولا نستطيع تغييره!
وقبض محمد بن مسلمة أموالهم (١) وخمّس رسول الله ما أصاب منهم (وهو أول خمس خمّسه بعد آية الخمس) وقسّم ما بقي على أصحابه. ووهب لمحمد بن مسلمة درعا من دروعهم ، وأعطى سعد بن معاذ درعا يقال لها السّحل .. وأخذ هو من سلاحهم ثلاث قسيّ : قوس تدعى الكتوم كسرت باحد ، وقوس تدعى الرّوحاء ، وقوس تدعى البيضاء. وأخذ من سلاحهم أيضا درعين : درعا يقال لها الصّغدية واخرى : فضة. وثلاثة أسياف : البتّار والقلعي (نسبة الى قلعة بالبادية) وثلاثة أرماح.
ولما مضت ثلاثة أيام خرج عبادة في آثارهم ، حتى بلغ بهم خلف دباب سالكين طريق الشام ، ثم رجع.
فلما نزلوا في يهود وادي القرى أقاموا فيهم شهرا ... وكانوا قد حملوا الذريّة والنساء على الابل وهم يمشون راجلين .. فحمل يهود وادي القرى من كان راجلا منهم ، وأعانوهم ، ثم ساروا حتى لحقوا بأذرعات ، ولم يبقوا بها الا قليلا (٢).
وقد روى القمي في تفسيره وابن اسحاق عن عكرمة أو سعيد بن جبير عن ابن عباس وعنه في «التبيان» بأن الآيات التي نزلت في بني قينقاع هي الآيات من سورة آل عمران : (قُلْ لِلَّذِينَ كَفَرُوا سَتُغْلَبُونَ وَتُحْشَرُونَ إِلى جَهَنَّمَ وَبِئْسَ الْمِهادُ* قَدْ كانَ لَكُمْ آيَةٌ فِي فِئَتَيْنِ الْتَقَتا فِئَةٌ تُقاتِلُ فِي سَبِيلِ اللهِ وَأُخْرى كافِرَةٌ
__________________
(١) مغازي الواقدي ١ : ١٧٨.
(٢) مغازي الواقدي ١ : ١٧٨ ـ ١٨٠. وأذرعات كانت أول بلدة بحدود الاردن من الحجاز.