فلما صلّى رسول الله صلىاللهعليهوآله صلاة المغرب والعشاء الآخرة جاء أسعد بن زرارة مقنّعا فسلّم على رسول الله ثم قال : يا رسول الله ، ما ظننت أن أسمع بك في مكان فأقعد عنك ، الا أنّ بيننا وبين إخواننا من الأوس ما تعلم ، فكرهت أن آتيهم ، فلما أن كان هذا الوقت لم أحتمل أن أقعد عنك!
فقال رسول الله للأوس : من يجيره منكم؟
فقالوا : يا رسول الله ، جوارنا في جوارك ، فأجره.
قال : لا ، بل يجيره بعضكم. فقال عويم بن ساعدة وسعد بن خيثمة : نحن نجيره ، فأجاروه ، فكان يختلف الى رسول الله فيتحدث عنده ويصلي خلفه.
فلما أمسى رسول الله فارقه أبو بكر ودخل المدينة ونزل على بعض الأنصار ، وبقي رسول الله بقبا نازلا على كلثوم بن هدم.
فجاء أبو بكر فقال : يا رسول الله تدخل المدينة ، فإنّ القوم متشوّقون إلى نزولك عليهم. فقال : لا أريم من هذا المكان حتى يوافي أخي علي عليهالسلام.
فقال أبو بكر : ما أحسب عليا يوافي! فقال : بلى ما أسرعه إن شاء الله.
فبقي خمسة عشر يوما فوافى علي عليهالسلام بعيال الرسول وعياله.
وبقي رسول الله صلىاللهعليهوآله بعد قدوم علي يوما أو يومين ، ثم ركب راحلته فاجتمع إليه بنو عمرو بن عوف فقالوا : يا رسول الله ، أقم عندنا فانا أهل الجدّ والجهد والحلقة والمنعة! فقال : دعوها فانها مأمورة (أي الناقة).
__________________
ـ اللاتي استمتعوا بهن ، كما في وفاء الوفاء ٢ : ٢٧٥ وخلاصته : ٣٦١. فليست من قبل مكة ، ولا كانت عند الهجرة بهذا الاسم. ويقال لها اليوم : كشك يوسف پاشا العثماني لانه هو الذي نقر الثنية ومهّد طريقها سنة ١٩١٤ م كما في هامش تاريخ المدينة.