قال : فما جاء بك يا عمير (١)؟
فقال : جئت في فكاك ابني (وهب).
فقال له : كذبت! بل قلت لصفوان بن أميّة وقد اجتمعتم في الحطيم وذكرتم قتلى بدر وقلتم : والله للموت أهون علينا من البقاء مع ما صنع محمد بنا! وهل حياة بعد أهل القليب؟!
فقلت أنت : لو لا عيالي ودين علي لأرحتك من محمد!
فقال صفوان : عليّ أن أقضي دينك وأن أجعل بناتك مع بناتي يصيبهنّ ما يصيبهنّ من خير أو شر!
فقلت أنت فاكتمها علي وجهّزني حتى أذهب فأقتله! فجئت لتقتلني!
فقال : صدقت يا رسول الله ، فأنا أشهد أن لا إله إلّا الله وأنك رسول الله (٢).
فقال رسول الله : أطلقوا له أسيره ، وفقّهوه في دينه وأقرئوه القرآن.
فقال عمير : يا رسول الله ، إني كنت جاهدا على إطفاء نور الله ، شديد الأذى لمن كان على دين الله عزوجل ، وأنا احب أن تأذن لي فأقدم مكة فأدعوهم الى الله تعالى والى رسوله وإلى الاسلام ، لعلّ الله يهديهم ، وإلا آذيتهم في دينهم كما كنت اوذي أصحابك في دينهم؟
فأذن له رسول الله ، فلحق بمكة.
فلما قدم عمير مكة أقام بها يدعو الى الاسلام ويؤذي من خالفه أذى
__________________
(١) سيرة ابن هشام ٢ : ٣١٦ ، ٣١٧ ومغازي الواقدي ١ : ١٢٥ ـ ١٢٨ بطريق آخر.
(٢) الاحتجاج على أهل اللجاج ١ : ٣٣٤ عن علي عليهالسلام ، ورواه في بحار الأنوار ١٩ : ٣٢٦ عن المنتقى للكازروني عن ابن اسحاق. وفي ١٨ : ١٤٠ مختصر خبره عن مناقب آل أبي طالب للحلبي ١ : ١١٣.