فأخرجته ووضعته قرب سرّته ثم تحاملت عليه فوقع عدوّ الله.
فخرجنا على بني اميّة بن زيد ، ثم على بني قريظة ، ثم على بعاث ، فصعدنا في حرّة العريص (من وادي المدينة) فوقفنا لصاحبنا الحارث بن أوس فأتانا يتبع آثارنا ، فاحتملناه فجئنا به رسول الله آخر الليل ، فخرج إلينا وتفل على جرح صاحبنا (١) فلم يؤذه (٢) فأخبرناه بقتل عدوّ الله.
وأصبحنا وقد خافت اليهود لوقعتنا بعدوّ الله ، فلم يبق بها يهودي الّا خاف على نفسه (٣). ففزعت اليهود ومن معها من المشركين. فجاؤوا الى النبيّ حين أصبحوا فقالوا : قد طرق صاحبنا كعب بن الأشرف الليلة (البارحة) وهو سيد من ساداتنا ، قتل غيلة بلا جرم ولا حدث علمناه!
فقال رسول الله صلىاللهعليهوآله : انه لو قرّ ـ كما قر غيره ممن هو على مثل رأيه ـ ما اغتيل ، ولكنّه هجانا بالشعر ونال منا الأذى ، ولم يفعل هذا أحد منكم الّا كان له السيف.
ودعاهم رسول الله الى أن يكتب بينهم كتابا ينتهون الى ما فيه.
فكتبوا بينهم وبينه كتابا تحت العذق في دار ملة بنت الحارث.
فحذرت اليهود وخافت وذلّت من يوم قتل ابن الأشرف (٤) وكتابة الكتاب.
__________________
(١) ابن هشام ٣ : ٦٠.
(٢) مغازي الواقدي ١ : ١٩٠.
(٣) ابن هشام ٣ : ٦٠ وعنه في الكامل ٢ : ١٠٠ والمنتقى : ١١٦ وعنهما في بحار الأنوار ٢٠ : ١٠ ـ ١٢.
(٤) مغازي الواقدي ١ : ١٩٢ ولم يذكر الكتاب ، وروى : أن يهوديا يدعى ابن يامين النضري (من بني النضير) كان يمرّ على مروان بن الحكم وهو والي المدينة من قبل يزيد أو معاوية ، فكان عنده يوما ومحمد بن مسلمة جالس وهو شيخ كبير ، إذ قال مروان لابن يامين : يا ابن