فانطلقت (الناقة) حتى اذا وازت دار بني النجار بركت على مربد لغلامين يتيمين منهم ، فلما بركت ولم ينزل رسول الله وثبت فسارت غير بعيد ثم التفتت الى خلفها فرجعت الى مبركها أول مرة فبركت ، ثم تحلحلت ورزمت ووضعت جرانها (١) فنزل عنها رسول الله ، واحتمل أبو أيوب رحله فوضعه في بيته ، ونزل النبيّ في بيت أبي أيّوب.
وسأل عن المربد فأخبر أنه لسهل وسهيل يتيمين لمعاذ بن عفراء ، فأرضاهما معاذ ، وأمر النبيّ صلىاللهعليهوآله ببناء المسجد ، وعمل فيه رسول الله بنفسه ، فعمل فيه المهاجرون والأنصار ، وأخذ المسلمون يرتجزون وهم يعملون قال بعضهم :
لئن قعدنا والنبيّ يعمل |
|
لذاك منّا العمل المضلّل |
والنبيّ صلىاللهعليهوآله يقول :
لا عيش الّا عيش الآخرة |
|
اللهم ارحم الأنصار والمهاجرة |
وعليّ عليهالسلام يقول :
لا يستوي من يعمل المساجدا |
|
يدأب فيها قائما وقاعدا |
ومن يرى عن الغبار حائدا (٢)
__________________
(١) أي تحركت وتثاقلت ووضعت رقبتها على الأرض لتبرك فيه.
(٢) قال ابن اسحاق : فأخذها عمار بن ياسر فجعل يرتجز بها ، فلما أكثر ظنّ عثمان بن عفان أن عماراً انما يعرض به فقال له : يابن سُميّة ، قد سمعت ما تقول منذ اليوم ـ وكان بيده عصا فقال ـ والله إني لاراني ـ أعرض هذه العصا لأنفك! وسمعه رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم فغضب وقال : ما لهم ولعمار : يدعوهم إلى الجنّة ويدعونه إلى النار ، إنّ عمّاراً جلدة ما بين عيني وأنفي. وكره ابن هشام أن يسمّى عثمان فقال : ظن رجل من أصحاب رسول الله! ثمّ قال : وقد سمّى ابن اسحاق الرجل! وقال السهيلي : فلا ينبغي البحث عن اسمه! سيرة ابن هشام ٢ : ١٤٢ ـ ١٤٣.