فقال لهم عبد الله : اتّقوا الله ، فان رسول الله قد تقدم إلينا أن لا نبرح!
فلم يقبلوا منه وأقبل ينسلّ رجل فرجل حتى أخلوا مركزهم ، وبقي عبد الله ابن جبير في اثني عشر رجلا (١).
__________________
(١) تفسير القمي ١ : ١١٢ وقال الواقدي كان ضرار بن الخطّاب الفهري يحدث عن وقعة احد يقول : لما التقينا ما أقمنا لهم شيئا حتى هزمونا فانكشفنا مولّين ، فقلت في نفسي : هذه أشد من وقعة بدر وجعلت أقول لخالد بن الوليد : كرّ على القوم! فجعل يقول : وترى وجها نكرّ فيه؟ حتى نظرت الى الجبل ـ الذي عليه الرماة ـ خاليا ، فقلت : أبا سليمان ، انظر وراءك! فعطف عنان فرسه ، فكرّ وكررنا معه ، فانتهينا الى الجبل فلم نجد عليه أحدا له بال ، وجدنا نفيرا فأصبناهم ، ثم دخلنا العسكر والقوم غارّون ينتهبون العسكر فأقحمنا الخيل عليهم فتطايروا في كل وجه ووضعنا السيوف فيهم حيث شئنا ١ : ٢٨٣.
وقال الواقدي : وقد روى كثير من الصحابة ممن شهد احدا ، قال كل واحد منهم : والله اني لأنظر الى هند وصواحبها منهزمات ما دون أخذهن شيء لمن أراد ذلك. وكلما كان خالد يأتي من قبل ميسرة النبيّ ـ صلى الله عليه [وآله] وسلم ـ ليجوز حتى يأتي من قبل السفح كان يردّه الرماة ، وفعل ذلك مرارا وفعلوا.
وانهزم المشركون وتبعهم المسلمون يضعون السلاح فيهم حيث شاءوا حتى أبعدوهم عن معسكرهم وأخذوا ينتهبونه ، فقال بعض الرماة لبعض : لم تقيمون هاهنا في غير شيء؟ قد هزم الله العدوّ ، وهؤلاء إخوانكم ينتهبون عسكرهم ، فادخلوا عسكر المشركين فاغنموا مع إخوانكم! وأجابهم بعضهم : ألم تعلموا أن رسول الله قال لكم : احموا ظهورنا ولا تبرحوا من مكانكم ، وان رأيتمونا نقتل فلا تنصرونا ، وإن رأيتمونا غنمنا فلا تشركونا؟! فقال الآخرون : لم يرد رسول الله هذا وقد أذلّ الله المشركين وهزمهم ، فادخلوا المعسكر فانتهبوا مع اخوانكم!
فلما اختلفوا خطبهم أميرهم عبد الله بن جبير وأمرهم بطاعة الله وطاعة رسوله وأن لا يخالفوا أمر رسول الله. فعصوه وانطلقوا حتى لم يبق منهم مع أميرهم عبد الله بن جبير إلّا