أي : أنّ المسلمين ـ ويخصّ الخزرج منهم لأنّهم الأكثر ـ لمّا جزعوا من كثرة القتل ، واستحرّ القتل في بني عبد الأشهل منهم ، عند ذلك خفّوا يرقصون أي يمشون سراعا مثل العدو السريع لصغار النعام إذ تعدو في الجبل ، جبل احد. ولا يقول بأنّ الليل أيضا حال بينهم وبين المشركين وبين المسلمين لمّا اعتصموا بالجبل فصعدوا فيه. ويقول في الاخرى العينيّة :
ولو لا علوّ الشعب غادرن أحمدا |
|
ولكن علا والسّمهريّ شروع |
أي : لو لا أنّ طريق الجبل ـ جبل احد ـ كان عاليا مرتفعا ، لغادرت السيوف أحمدا صلىاللهعليهوآله وهو قتيل ، ولكنّه علا وصعد في الجبل والرماح شارعة أي متّجهة نحوه لطعنه.
أي كان كما نقل المعتزليّ الشافعيّ ابن أبي الحديد عن شيخه النقيب أبي يزيد أنّه قال : إنّما تحاجز الفريقان بعد أن عرف أبو سفيان أنّ النبيّ حيّ ولكنّه في أعلى الجبل وأنّ الخيل لا تستطيع الصعود إليه ، وأنّ القوم إن صعدوا إليه رجّالة لم يثقوا بالظفر به ، لأنّ معه أكثر أصحابه وهم مستميتون إن صعد القوم إليهم ، وأنّهم لا يقتلون منهم واحدا حتّى يقتلوا منهم اثنين أو ثلاثة ، لأنّهم لا سبيل لهم للهرب لكونهم محصورين. فالرجل منهم يحامي عن خيط رقبته ... كفّوا عن الصعود ، وقنعوا بما وصلوا إليه من قتل من قتلوه في الحرب ، وأمّلوا يوما ثانيا يكون لهم فيه الظفر الكلّي بالنبيّ صلىاللهعليهوآله (١).
ولكنّه قبل ذلك قال : قلت له : ما كانت حال رسول الله لمّا انكشف المسلمون وفرّوا.
قال : ثبت في نفر يسير من أصحابه يحامون عنه. قلت : ثمّ ما ذا؟
قال : ثمّ ثابت إليه الأنصار وردّت إليه عنقا واحدا بعد فرارهم وتفرّقهم ،
__________________
(١) شرح النهج ١٤ : ٢٤٦.