وكان كعب قد أرسل بعض أصحابه إلى من يستعين بهم على رسول الله ، فاستقبلوا رسول الله ، فأخبروا كعبا بذلك ، فأخبر أصحاب النبيّ فساروا راجعين.
وكان عبد الله بن صوريا أعلمهم فقال لهم : والله إنّ ربّه أطلعه على ما أردتموه من الغدر! ولا يأتيكم ـ والله ـ أوّل ما يأتيكم إلّا رسول محمّد يأمركم عنه بالجلاء! فأطيعوني في خصلتين لا خير في الثالثة : أن تسلموا! فتأمنوا على دياركم وأموالكم ، وإلّا ، فإنّه يأتيكم من يقول لكم : اخرجوا من دياركم! فقالوا : هذه أحبّ إلينا! فقال : أما إنّ الاولى خير لكم منها ، ولو لا أن أفضحكم لأسلمت (١).
قال القمي : فقال رسول الله لمحمّد بن مسلمة الأنصاري : اذهب إلى بني النضير فأخبرهم : إنّ الله ـ عزوجل ـ قد أخبرني بما هممتم به من الغدر! فإمّا أن تخرجوا من بلدنا! وإمّا أن تأذنوا بحرب! (٢) ثمّ بعثه إليهم (٣).
فقالوا : نخرج من بلادك.
فبعث إليهم عبد الله بن أبيّ : أن لا تخرجوا ، وأقيموا وتنابذوا محمّدا الحرب ، فإنّي أنصركم أنا وقومي وحلفائي ، فإن خرجتم خرجت معكم ، وإن قاتلتم قاتلت معكم!
فأقاموا وأصلحوا حصونهم وتهيّأوا للقتال وبعثوا إلى رسول الله : إنّا لا نخرج فاصنع ما أنت صانع!
فقام رسول الله وكبّر ، وكبّر أصحابه ، وقال لأمير المؤمنين : تقدّم إلى بني النضير.
فأخذ أمير المؤمنين الراية وتقدّم ، وجاء رسول الله وأحاط بحصنهم وأمر
__________________
(١) إعلام الورى ١ : ١٨٨.
(٢) تفسير القمي ٢ : ٣٥٩.
(٣) إعلام الورى ١ : ١٨٨.