إسرائيل الذي أخرجكم من أرض مصر ، وفلق لكم البحر فأنجاكم وأغرق آل فرعون ، وظلّل عليكم الغمام وأنزل عليكم المنّ والسلوى ، وأنزل عليكم كتابه فيه حلاله وحرامه ، هل تجدون في كتابكم الذي جاء به موسى الرجم على من أحصن؟
قال عبد الله بن صوريا : نعم ، والذي ذكّرتني ، ولو لا مخافتي من ربّ التوراة أن يهلكني إن كتمت ، ما اعترفت لك به!
فأنزل الله فيه : (يا أَهْلَ الْكِتابِ قَدْ جاءَكُمْ رَسُولُنا يُبَيِّنُ لَكُمْ كَثِيراً مِمَّا كُنْتُمْ تُخْفُونَ مِنَ الْكِتابِ وَيَعْفُوا عَنْ كَثِيرٍ ...)(١).
فقام ابن صوريا فوضع يديه على ركبتي رسول الله ثم قال : هذا مقام العائذ بالله وبك أن تذكر لنا الكثير الذي امرت أن تعفو عنه. فأعرض النبيّ عن ذلك.
ثمّ سأله ابن صوريا عن نومه ، وعن شبه الولد بأبيه وامّه ، وما حظّ الأب من أعضاء المولود وما حظّ الامّ؟
فقال : تنام عيناي ولا ينام قلبي.
والشبه يغلبه أيّ الماءين علا.
وللأب العظم والعصب والعروق ، وللام اللحم والدم والشعر.
فقال : أشهد أنّ أمرك أمر نبيّ ، وأسلم. فشتمه اليهود.
فلمّا أرادوا الانصراف تعلّقت قريظة ببني النضير (٢) فقالوا :
يا أبا قاسم ، هؤلاء إخواننا بنو النضير إذا قتلوا منّا قتيلا لا يعطونا القود ويعطونا سبعين وسقا من تمر ، وإن قتلنا منهم قتيلا أخذوا القود ومعه سبعون وسقا من تمر ، وإن أخذوا الديّة أخذوا منّا مائة وأربعين وسقا ، وكذلك جراحاتنا على
__________________
(١) المائدة : ١٥.
(٢) بعد جلائهم إلى خيبر وفدك.