يا رسول الله ، إنّ هؤلاء القوم قريظة والنضير قد كتبوا بينهم كتابا وعهدا وثيقا تراضوا به ، والآن في قدومك يريدون نقضه ، وقد رضوا بحكمك فيهم ، فلا تنقض عليهم كتابهم وشرطهم ، فإنّ بني النضير لهم القوّة والسلاح والكراع ، ونحن نخاف الغوائل والدوائر (١).
فاغتمّ لذلك رسول الله ولم يجبه بشيء.
ونزل عليه جبرئيل بهذه الآيات : (يا أَيُّهَا الرَّسُولُ لا يَحْزُنْكَ الَّذِينَ يُسارِعُونَ فِي الْكُفْرِ مِنَ الَّذِينَ قالُوا آمَنَّا بِأَفْواهِهِمْ وَلَمْ تُؤْمِنْ قُلُوبُهُمْ وَمِنَ الَّذِينَ هادُوا سَمَّاعُونَ لِلْكَذِبِ سَمَّاعُونَ لِقَوْمٍ آخَرِينَ لَمْ يَأْتُوكَ يُحَرِّفُونَ الْكَلِمَ مِنْ بَعْدِ مَواضِعِهِ يَقُولُونَ إِنْ أُوتِيتُمْ هذا فَخُذُوهُ وَإِنْ لَمْ تُؤْتَوْهُ فَاحْذَرُوا وَمَنْ يُرِدِ اللهُ فِتْنَتَهُ فَلَنْ تَمْلِكَ لَهُ مِنَ اللهِ شَيْئاً أُولئِكَ الَّذِينَ لَمْ يُرِدِ اللهُ أَنْ يُطَهِّرَ قُلُوبَهُمْ لَهُمْ فِي الدُّنْيا خِزْيٌ وَلَهُمْ فِي الْآخِرَةِ عَذابٌ عَظِيمٌ* سَمَّاعُونَ لِلْكَذِبِ أَكَّالُونَ لِلسُّحْتِ فَإِنْ جاؤُكَ فَاحْكُمْ بَيْنَهُمْ أَوْ أَعْرِضْ عَنْهُمْ وَإِنْ تُعْرِضْ عَنْهُمْ فَلَنْ يَضُرُّوكَ شَيْئاً وَإِنْ حَكَمْتَ فَاحْكُمْ بَيْنَهُمْ بِالْقِسْطِ إِنَّ اللهَ يُحِبُّ الْمُقْسِطِينَ)(٢). إلى قوله : (وَمَنْ لَمْ يَحْكُمْ بِما أَنْزَلَ اللهُ فَأُولئِكَ هُمُ الْكافِرُونَ)(٣) وقوله : (فَيُصْبِحُوا عَلى ما أَسَرُّوا فِي أَنْفُسِهِمْ نادِمِينَ)(٤).
وروى الطبري مختصر خبر الرجم عن عكرمة (عن ابن عباس) : أن اليهود سألوا رسول الله عن حكم الرجم ، فسأل عن أعلمهم؟ فأشاروا إلى ابن
__________________
(١) ولكنّ هذا لا يلائم إلّا أوائل قدوم الرسول وقبل إجلاء بني النضير وإذلالهم.
(٢) المائدة : ٤١ و ٤٢.
(٣) المائدة : ٤٤.
(٤) المائدة : ٥٢ ، والخبر في تفسير القمي ١ : ١٦٨ ـ ١٧٠.