ونسقيهم الماء ، ونقري الضيف ، ونفكّ العاني (١) ونصل الرحم ، ونعمر بيت ربّنا ونطوف به ونحن أهل الحرم. ومحمّد فارق دين آبائه وقطع الرحم وفارق الحرم ، وديننا القديم ، ودين محمّد الحديث. فقال : أنتم أهدى سبيلا ممّا عليه محمّد! وفي هذا نزل قوله ـ سبحانه ـ : (أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ أُوتُوا نَصِيباً مِنَ الْكِتابِ يُؤْمِنُونَ بِالْجِبْتِ وَالطَّاغُوتِ وَيَقُولُونَ لِلَّذِينَ كَفَرُوا هؤُلاءِ أَهْدى مِنَ الَّذِينَ آمَنُوا سَبِيلاً* أُولئِكَ الَّذِينَ لَعَنَهُمُ اللهُ وَمَنْ يَلْعَنِ اللهُ فَلَنْ تَجِدَ لَهُ نَصِيراً* أَمْ لَهُمْ نَصِيبٌ مِنَ الْمُلْكِ فَإِذاً لا يُؤْتُونَ النَّاسَ نَقِيراً* أَمْ يَحْسُدُونَ النَّاسَ عَلى ما آتاهُمُ اللهُ مِنْ فَضْلِهِ فَقَدْ آتَيْنا آلَ إِبْراهِيمَ الْكِتابَ وَالْحِكْمَةَ وَآتَيْناهُمْ مُلْكاً عَظِيماً* فَمِنْهُمْ مَنْ آمَنَ بِهِ وَمِنْهُمْ مَنْ صَدَّ عَنْهُ وَكَفى بِجَهَنَّمَ سَعِيراً)(٢).
__________________
(١) العاني : الأسير.
(٢) مجمع البيان ٣ : ٩٢. واختصر خبره عن ابن كعب القرظي ٨ : ٥٣٣. وذكر الخبر القاضي النعمان في شرح الأخبار ١ : ٢٩١ ، واختصره المفيد في الإرشاد ١ : ٩٥. وزاد الواقدي : أبا عامر الراهب في بضعة عشر رجلا ... فقالوا لقريش : نحن معكم حتى نستأصل محمّدا. قال أبو سفيان : هذا الذي أقدمكم ونزعكم؟ قالوا : نعم ، جئنا لنحالفكم على عداوة محمّد وقتاله.
فقال أبو سفيان : أهلا ومرحبا ، أحبّ الناس إلينا من أعاننا على عداوة محمّد.
قال النفر : فأخرج خمسين رجلا من بطون قريش كلّها وأنت فيهم ، وندخل نحن وأنتم بين أستار الكعبة حتى نلصق أكبادنا بها ، ثمّ نحلف بالله جميعا لا يخذل بعضنا بعضا ، ولتكوننّ كلمتنا واحدة على هذا الرجل ما بقي منّا رجل! ففعلوا ، وتحالفوا على ذلك وتعاقدوا.
ثمّ قالت قريش بعضها لبعض : قد جاءكم رؤساء أهل يثرب وأهل العلم والكتاب الأوّل ، فسلوهم عمّا نحن عليه ومحمّد أيّنا أهدى؟