اخرى ، ثمّ ضرب به الثالثة فلمعت برقة اخرى ، فقلت : يا رسول الله بأبي أنت وامّي ما هذا الذي رأيت؟ فقال : أمّا الاولى فإنّ الله فتح عليّ بها اليمن ، وأمّا الثانية فإنّ الله فتح بها عليّ الشام والمغرب ، وأمّا الثالثة فإنّ الله فتح بها عليّ المشرق (١).
ونقل في تفسيره عن تفسير الثعلبي و «المستدرك» للحاكم بسنده عن عمرو بن عوف قال : كنت أنا وسلمان وحذيفة بن اليمان والنعمان بن مقرن وستّة من الأنصار نقطع أربعين ذراعا ، فحفرنا حتى إذا بلغنا الثرى أخرج الله من بطن الخندق صخرة بيضاء مدوّرة فكسرت حديدنا وشقّت علينا. فقلنا لسلمان : يا سلمان ارق إلى رسول الله فأخبره عن الصخرة ، فإمّا أن نعدل عنها فإنّ المعدل قريب ، وإمّا أن يأمرنا فيها بأمره فإنّا لا نحبّ أن نجاوز خطّه.
فرقى سلمان حتى أتى رسول الله ـ وهو مضروب له قبّة ـ فقال : يا رسول الله خرجت صخرة بيضاء من الخندق مدوّرة فكسرت حديدنا وشقّت علينا حتى ما يحكّ فيها قليل ولا كثير ، فمرنا بأمرك.
فهبط رسول الله مع سلمان في الخندق وأخذ المعول وضرب به ضربة فلمعت منها برقة أضاءت ما بين لابتيها (٢) حتّى لكأنّها مصباح في جوف ليل مظلم ، فكبّر رسول الله تكبيرة فتح ، فكبّر المسلمون ، ثمّ ضرب ضربة اخرى فلمعت برقة اخرى ، ثمّ ضرب به الثالثة فلمعت برقة اخرى ، فقال سلمان : بأبي أنت وامّي يا رسول الله ما هذا الذي أرى؟
فقال : أمّا الاولى فإنّ الله ـ عزوجل ـ فتح عليّ بها اليمن ، وأمّا الثانية فإنّ
__________________
(١) إعلام الورى ١ : ١٩٠ واختصرهما الحلبي المازندراني في مناقب آل أبي طالب ١ : ١١٩.
(٢) اللابة : الحرّة ، وهي الأرض ذات الحجارة السود قد غطّتها بكثرتها ، والمدينة بين حرّتين.