اليهوديّة بخيبر فأعلمها بمكانه خارج خيبر. فخرجت إلينا بجراب مملوء خبزا وتمرا كبيسا ، فأكلنا منه.
ثمّ قال لها عبد الله : يا امّاه ، إنّا قد أمسينا (١) فأدخلينا خيبر وبيّتينا عندك!
فقالت له : ومن تريد فيها؟ قال : أبا رافع. قالت : فادخلوا في غمار الناس فادخلوا عليّ ليلا ، فإذا هدأت الرجل فاكمنوا له. ففعلوا ودخلوا عليها ليلا ، فلمّا هدأت الرجل قالت لهم : انطلقوا (٢).
وروى ابن إسحاق عن الزهري ، عن عبد الله بن كعب ، عن كعب بن مالك الأنصاري قال : فخرجوا حتّى أتوا دار ابن أبي الحقيق ليلا ، فلم يدعوا بيتا في الدار إلّا أغلقوه على أهله ، وكان هو في قصر عال يصعد إليه بعجلة (٣).
وفي رواية الواقدي قال عبد الله بن أنيس : فقدّمنا عبد الله بن عتيك وصعدنا واستفتحنا عليه ، فجاءت امرأته فقالت : ما شأنك؟ فرطن ابن عتيك باليهوديّة وقال : جئت أبا رافع بهديّة ، ففتحت له ، فازدحمنا على الباب أيّنا يبادر إليه ، فلمّا رأت السلاح أرادت أن تصيح فأشرت إليها بالسيف ، فسكتت ، فقلت لها : أين أبو رافع؟ وإلّا ضربتك بالسيف! فقالت : هو ذاك في البيت.
فدخلنا عليه ، فما عرفناه إلّا ببياضه كأنّه قبطيّة (٤) ملقاة ، فعلوناه بأسيافنا ، فصاحت امرأته ، فهمّ بعضنا أن يخرج إليها ثمّ ذكرنا أنّ رسول الله نهانا عن قتل
__________________
(١) من هنا يعلم أنّ المسير من المدينة إلى خيبر استغرق بياض النهار.
(٢) مغازي الواقدي ١ : ٣٩١ و ٣٩٢.
(٣) سيرة ابن هشام ٣ : ٢٨٧. والعجلة : جذع النخلة يصعد عليها إلى الغرف العالية في الدار ـ لسان العرب ١٣ : ٤٥٦ ـ.
(٤) القبطية ـ بالكسر والضمّ ـ : ثياب بيضاء مصريّة منسوبة إلى أقباطها.