فِي الَّذِينَ خَلَوْا مِنْ قَبْلُ وَكانَ أَمْرُ اللهِ قَدَراً مَقْدُوراً* الَّذِينَ يُبَلِّغُونَ رِسالاتِ اللهِ وَيَخْشَوْنَهُ وَلا يَخْشَوْنَ أَحَداً إِلَّا اللهَ وَكَفى بِاللهِ حَسِيباً)(١) وكأنّ الآية استدراك على قوله سبحانه (... وَتَخْشَى النَّاسَ وَاللهُ أَحَقُّ أَنْ تَخْشاهُ ...) فتصفه مع (الَّذِينَ يُبَلِّغُونَ رِسالاتِ اللهِ وَيَخْشَوْنَهُ وَلا يَخْشَوْنَ أَحَداً إِلَّا اللهَ) ثم ختمت الموضوع بالآية الاخيرة فيه : (ما كانَ مُحَمَّدٌ أَبا أَحَدٍ مِنْ رِجالِكُمْ وَلكِنْ رَسُولَ اللهِ وَخاتَمَ النَّبِيِّينَ وَكانَ اللهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيماً)(٢).
وفي الآية ٤ و ٥ من أوائل السورة بداية التمهيد لهذا الحكم ، قوله سبحانه : (... ما جَعَلَ أَدْعِياءَكُمْ أَبْناءَكُمْ ذلِكُمْ قَوْلُكُمْ بِأَفْواهِكُمْ وَاللهُ يَقُولُ الْحَقَّ وَهُوَ يَهْدِي السَّبِيلَ* ادْعُوهُمْ لِآبائِهِمْ هُوَ أَقْسَطُ عِنْدَ اللهِ فَإِنْ لَمْ تَعْلَمُوا آباءَهُمْ فَإِخْوانُكُمْ فِي الدِّينِ وَمَوالِيكُمْ ...).
ثم تنصرف الآيات التالية عن هذا الموضوع الى حرب الأحزاب ، ثم بني قريظة ، ثم أزواج النبي وتخييرهم بين الحياة الدنيا وزينتها أو الله ورسوله والدار الآخرة. وقد قال المفسّرون أنهنّ كنّ يومئذ تسعا : سودة بنت زمعة ، وعائشة ، وحفصة ، وأمّ سلمة بنت ابي أميّة ، وزينب بنت جحش الاسدية ، وجويرية بنت الحارث المصطلقية ، وصفية بنت حييّ بن أخطب الخيبرية ، وميمونة بنت الحارث الهلالية (٣) وقد تزوّج جويرية في السادسة ، وصفية وميمونة في أوّل وآخر السابعة ، وهذا يقتضي نزول السورة أو هذه الآيات منها بعد ذلك! ولذلك فنحن نؤخّر خبره الى هنالك ، بما ضمنت الآية ٣٣ من قوله سبحانه : (إِنَّما يُرِيدُ اللهُ
__________________
(١) الأحزاب : ٣٨ ـ ٣٩.
(٢) الأحزاب : ٤٠.
(٣) التبيان ٨ : ٣٣٤ ، ٣٣٥ ومجمع البيان ٩ : ٥٥٤ و ٥٧٣ و ٥٧٤.