وكان الرجل قد التقى يوم أمس بمسعود بن هنيدة مولى أبي تميم وقد أعتقه ، وكان أهله بموضع يعرف بالخذوات ، وقد رغب الناس حولهم في الإسلام وكثر ، قال : فتركت أهلي وجئت لاسلم على رسول الله ولقيت رسول الله في بقعاء (١). فقال له : يا رسول الله قد رأيتني أمس إذ لقيت رجلا من عبد القيس فدعوته إلى الإسلام فرغّبته فيه فأسلم. فقال له رسول الله : لإسلامه على يديك كان خيرا لك ممّا طلعت عليه الشمس أو غربت. ثمّ قال له : كن معنا حتّى نلقى عدوّنا ، فإنّي أرجو أن ينفّلنا الله أموالهم وذراريّهم (٢).
وفي بقعاء صادفوا رجلا من المشركين فسألوه : ما وراءك؟ وأين الناس؟ فقال : لا علم لي بهم. فقال له عمر بن الخطّاب : لتصدقن أو لأضربن عنقك! فقال : أنا رجل من بني المصطلق ، تركت الحارث بن أبي ضرار قد جمع لكم الجموع وجلب إليه ناسا كثيرا ، وبعثني إليكم لآتيه بخبركم وهل تحرّكتم من المدينة.
فأتى عمر إلى رسول الله فأخبره الخبر فدعا به رسول الله ودعاه إلى الإسلام فقال :
لست بمتّبع دينكم حتّى أنظر ما يصنع قومي ، فإن دخلوا في دينكم كنت كأحدهم ، وإن ثبتوا على دينهم فأنا رجل منهم!
فقال عمر : يا رسول الله أضرب عنقه؟ فأذن له ، فضرب عنقه.
__________________
(١) موضع على أربعة وعشرين ميلا من المدينة ـ وفاء الوفاء ٢ : ٢٦٤.
(٢) المغازي ٢ : ٤٠٩ وتمامه : فأعطاني رسول الله قطعة من الإبل وقطعة من غنم. فقلت : يا رسول الله كيف أقدر أن أسوق الإبل ومعي الغنم؟! اجعلها غنما كلّها أو إبلا كلّها. فتبسّم رسول الله وقال : أيّ ذلك أحبّ إليك؟ فقلت : تجعلها إبلا. قال : اعطه عشرا من الإبل. فاعطيتها.