فلمّا بلغ ذلك رسول الله ـ صلّى الله عليه [وآله] وسلّم ـ بعث بريدة بن الحصيب الأسلمي يعلم علم ذلك ، فاستأذن النبيّ أن يقول ما شاء فأذن له. فخرج حتّى ورد ماءهم فوجد قوما مغرورين قد جمعوا الجموع. فقالوا له : من الرجل؟ قال : رجل منكم ، قدمت لمّا بلغني عن جمعكم لهذا الرجل ، فأسير في قومي ومن أطاعني ، فتكون يدنا واحدة حتّى نستأصله. فقال له الحارث : فنحن على ذلك فعجّل علينا. فقال بريدة : اركب الآن فآتيكم بجمع كثيف من قومي ومن أطاعني. فركب ...
ورجع إلى رسول الله فأخبره خبر القوم.
فندب رسول الله الناس وأخبرهم خبر عدوّهم ، فأسرع الناس للخروج. وفيهم ثلاثون فارسا ، عشرة من المهاجرين : رسول الله وعليّ عليهالسلام والمقداد والزبير وطلحة وأبو بكر وعمر وعثمان وعبد الرحمن بن عوف. وعشرون من الأنصار منهم : أبيّ بن كعب واسيد بن حضير والحباب بن المنذر وسعد بن زيد وسعد بن معاذ ومعاذ بن جبل.
وخرج مع رسول الله بشر كثير من المنافقين لم يخرجوا في غزاة مثلها قطّ ، ليس لهم رغبة في الجهاد ، ولكن قرب السفر عليهم ، وأرادوا أن يصيبوا من عرض الدنيا.
وسلك رسول الله على الحلائق (١) فنزل بها. وفيها جاءه رجل من عبد القيس فسلّم على رسول الله ، فسأله : أين أهلك؟ قال : بالرّوحاء. قال : فأين تريد؟ قال : جئت لاؤمن بك وأشهد أنّ ما جئت به الحقّ واقاتل عدوّك. فقال رسول الله : الحمد لله الذي هداك للإسلام. فلمّا أسلم قال : يا رسول الله أيّ الأعمال أحبّ إلى الله؟ قال : الصلاة في أوّل وقتها (٢).
__________________
(١) المغازي ٢ : ٤٠٥.
(٢) المغازي ٢ : ٤٠٦.