فقال : لعلّك غضبت عليه؟! قال : لا ، ما غضبت عليه.
قال : فلعلّه سفه عليك؟! فقال : لا ، والله.
فقال رسول الله لمولاه شقران : أحدج (أي : اجعل الحدج على الجمل) فأحدج راحلته ، فركب رسول الله وارتحل ، وتسامع الناس بذلك فارتحلوا.
ولحقه سعد بن عبادة فقال : السّلام عليك يا رسول الله ورحمة الله وبركاته. فقال : وعليك السّلام. فقال : ما كنت لترحل في هذا الوقت؟! فقال : أولا سمعت قولا قال صاحبكم؟! قالوا : وأيّ صاحب لنا غيرك يا رسول الله؟ قال : عبد الله ابن ابي زعم ان رجع الى المدينة ليخرجنّ الأعزّ منها الأذلّ!
فقال : يا رسول الله ، فأنت وأصحابك الأعزّ وهو وأصحابه الأذلّ! وسار رسول الله ذلك اليوم كلّه ، ولم ينزلوا إلّا للصلاة ، ثم سار ليله.
وروى بسنده عن أبان بن عثمان الأحمر البجلي الكوفي قال : سار رسول الله صلىاللهعليهوآله يومه وليلته ومن الغد حتّى ارتفع الضحى ، وإنّما أراد رسول الله أن يكفّ الناس عن الكلام ... ثم نزل ونزل الناس فرموا بأنفسهم نياما.
قال القمي : وأقبلت الخزرج على عبد الله بن ابي يعذلونه ، فحلف عبد الله أنه لم يقل شيئا من ذلك! فقالوا له : فقم بنا الى رسول الله حتى نعتذر إليه ، فلوى عنقه!
ثم جاء الى النبي فحلف أنّه ليشهد أن لا إله إلّا الله وأنّ محمّدا رسول الله ، وأنّه لم يقل ذلك وأنّ زيدا قد كذب عليه. وقبل منه رسول الله ذلك القول.
فأقبلت الخزرج على زيد بن أرقم يقولون له : كذبت على سيدنا عبد الله؟! ويشتمونه ، وزيد يقول : اللهم إنّك لتعلم أنّي لم اكذب على عبد الله بن ابي.
وارتحل رسول الله ... فما سار إلّا قليلا حتى أخذ رسول الله ما كان يأخذه من الشدّة عند نزول الوحي عليه ، فثقل حتى كادت ناقته تبرك من ثقل الوحي. ثم سري عن رسول الله وهو يسلت العرق عن جبهته. ثم دنا الى رحل زيد بن أرقم