أما آن لك أن تبصر ما أنت عليه؟ أبعد هذا شيء (١)؟! وردنا بئرا يتبرّض ماؤها (٢) فتوضأ رسول الله في الدلو ومضمض فاه فيه ، ثم افرغ الدلو فيها ونزل بالسهم فحثحثها فجاشت بالرواء.
فقال ابن ابي : قد رأيت مثل هذا!
فقال أوس : قبّحك الله وقبّح رأيك!
وقال له رسول الله : أي أبا الحباب ، أين رأيت مثل ما رأيت اليوم؟
قال : ما رأيت مثله قط!
فقال رسول الله : فلم قلت ما قلت؟
قال : استغفر الله (٣)!
وقال ابو قتادة الأنصاري : فلما دعا رسول الله الرجل وتوضأ بالدلو ومج فاه فيه ثم رده في البئر ونزل فيها بالسهم ، فجاشت البئر بالرواء ... رأيت الجدّ بن القيس على شفير البئر مادّا رجليه في الماء!
فقلت له : أبا عبد الله ، أين ما قلت؟
فقال : لا تذكر لمحمد مما قلت شيئا ، انما كنت أمزح معك (٤).
__________________
(١) مغازي الواقدي ٢ : ٥٨٨ ، ٥٨٩. وقد روى الكليني خبر البئر عن الصادق عليهالسلام في روضة الكافي : ٢٦٦ ، وأشار إليه الطوسي في التبيان ٩ : ٣١٣ ، والطبرسي في مجمع البيان ٩ : ١٦٧ عن ابن اسحاق في السيرة ٣ : ٣٢٢ ، والراوندي في الخرائج والجرائح ١ : ٥٨ و ١٢٣ وخبر آخر مثله في الطريق ١ : ١٠٩.
(٢) يتبرّض : يخرج في القعب جرعة ماء.
(٣) مغازي الواقدي ٢ : ٥٨٨ ، ٥٨٩.
(٤) مغازي الواقدي ٢ : ٥٩٠.