إنّ قومك يذكرونك الله والرحم أن تدخل عليهم بلادهم بغير اذنهم ، وأن تقطع أرحامهم وأن تجرّي عليهم عدوّهم!
فقال رسول الله : ما أنا بفاعل حتى أدخلها.
وكان عروة حين كلّم رسول الله تناول لحيته ، وكان المغيرة [بن شعبة] قائما على رأس النبيّ ، فضرب يد عروة ، فقال عروة : من هذا يا محمد؟ فقال : هذا ابن اخيك المغيرة! فقال له عروة : يا غدر ، ما جئت الا في غسل سلحتك (١).
ثم رجع الى [مكة] فقال لأبي سفيان وأصحابه : لا والله ما رأيت مثل محمد ردّ عما جاء له (٢).
وقال الواقدي : فلما فرغ عروة بن مسعود من كلام رسول الله ... ركب حتى رجع الى قريش فقال لهم : يا قوم ، اني وفدت على الملوك : على كسرى وهرقل
__________________
(١) السلح : ضروق الطائر ـ مجمع البحرين.
(٢) روضة الكافي : ٢٦٧ ، ٢٦٨ ، ولعل علة عدم معرفة عروة للمغيرة ما رواه الواقدي في المغازي ٢ : ٥٩٥ : أنه كان على وجهه المغفر فلا يعرف. وفيه ان عروة قال له : وأنت بذلك يا غدر؟! لقد أورثتنا العداوة من ثقيف الى آخر الدهر! ثم قال : يا محمد ، أتدري كيف صنع هذا؟ انه خرج في ركب من قومه ، فلما كانوا بيننا وناموا طرقهم فقتلهم وأخذ حرائبهم (أموالهم) وفرّ منهم! قال الواقدي : ولحق بالنبيّ فأسلم ، وحين اخبر النبيّ خبرهم قال : هذا [مال] غدر لا اخمّسه.
قال : وكان عروة بن مسعود قد استعان في حمل ديته فأعانه الرجل بالفريضتين والثلاث وأعانه أبو بكر بعشر فرائض. فكانت هذه يد أبي بكر عند عروة بن مسعود. فلما قال عروة للنبي : وأيم الله لكأني بهؤلاء قد انكشفوا عنك غدا! قال له ابو بكر : امصص بظر اللات! أنحن نخذله؟! فقال عروة : أما والله لو لا يد لك عندي لم أجزك بها بعد لأجبتك! يقصد عونه له بعشر ديات ـ المغازي ٢ : ٥٩٥ ، ٥٩٦. ومجمع البيان ٩ : ١٧٨. وفي الغارات ٥١٧ اشارة علي عليه السلام إلى غدره واسلامه.