على الأرض إجلالا وإعظاما ، ودعا بحقّ من عاج (١) وجعل الكتاب فيه (٢).
وروي عن عمرو بن أميّة أن قال له : يا أصحمة ، إنّ عليّ القول وعليك الاستماع ، انك كأنّك في الرقة علينا منّا ، وكأنّا في الثقة بك منك ، لأنا لم نظنّ بك خيرا قطّ الا نلناه ، ولم نحفظك على شرّ قطّ الا أمناه. وقد اخذت الحجة عليك من قبل آدم ، والانجيل بيننا وبينك شاهد لا يرد وقاض لا يجوز ، وفي ذلك موقع الخير واصابة الفضل ، والا فأنت في هذا النبيّ الامّي كاليهود في عيسى بن مريم ، وقد فرّق رسله الى الناس (٣) فرجاك لما لم يرجهم له ، وأمنك على ما خافهم عليه ، لخير سالف ، وأجر ينتظر.
فقال النجاشي : أشهد بالله أنّه النبي الذي ينتظره أهل الكتاب ، وأن بشارة موسى براكب الحمار (٤) كبشارة عيسى براكب الجمل (٥) وانه ليس الخبر كالعيان.
ولكن أعواني من الحبشة قليل ، فأنظرني حتى اكثر الأعوان ، وألين القلوب. وفي رواية : لو كنت استطيع أن آتيه لآتيته.
ثم أحضر النجاشي جعفرا وأصحابه وأسلم على يدي جعفر لله ربّ العالمين.
وعن الواقدي قال : كتب رسول الله الى النجاشي كتابين : في أحدهما يدعوه الى الاسلام ... وفي الكتاب الآخر يأمره أن يزوّجه بام حبيبة بنت أبي سفيان (٦).
__________________
(١) العاج : أنياب الفيل.
(٢) وهذا ما يؤيد امكانية بقاء الكتاب المكتشف أخيرا حيث احتفظ به.
(٣) ويستفاد من هذا تأريخ الكتاب وأنه كان مع ارسال الرسل.
(٤) وهذا مما يؤيد أن الكتاب كان بعد حرب بني النضير حيث ركب النبي إليهم الحمار.
(٥) كناية عن عربيته ، إذ اشتهر العرب بركوب الجمال.
(٦) نقله المجلسي في بحار الأنوار ٢٠ : ٣٩٣ عن المنتقى عن الواقدي.