كذا. فأقمت على بابه يومين أو ثلاثة ، وأخذ الحاجب يسألني عن رسول الله وما يدعو إليه ، فاجيبه ، فيرقّ حتى يغلبه البكاء ويقول : إنّي قد قرأت الإنجيل ، وأجد صفة هذا النبي بعينه ، فأنا أومن به واصدقه. فكان الحاجب يكرمني ويحسن ضيافتي ويقول عن الحارث : أنه يخاف قيصر ، وهو يخاف من الحارث.
حتى كان يوم خروج الحارث (وكان ينزل هضبة الجولان) فجلس والتاج على رأسه ، واذن لي عليه ، فدفعت إليه كتاب رسول الله (١).
فروى الطبري عن الواقدي قال : كان قد كتب إليه : «سلام على من اتبع الهدى وآمن به ، إنّي ادعوك الى أن تؤمن بالله وحده لا شريك له ، يبقى لك ملكك» (٢).
قال : فدفعت إليه كتاب رسول الله فقرأه ثم رمى به وقال : من ينتزع ملكي؟! ها أنا سائر إليه ولو كان باليمن.
ثم قال : أخبر صاحبك بما ترى من الجيوش والخيول ، وإنّي سائر إليه.
وكتب الى قيصر يخبره الخبر ... فلما رأى قيصر كتاب الحارث إليه كتب إليه : أن لا تسر إليه وآله عنه ، ووافني بإيليا لتهيئة قصر لنزول الملك.
قال : فلما جاءه كتاب قيصر دعاني وقال : متى تريد أن تخرج الى صاحبك؟ قلت : غدا. فأمر لي بمائة مثقال ذهب (كذا) ووصلني حاجبه بكسوة ونفقة وقال : اقرئ رسول الله مني السّلام ، وأعلمه أني متبع دينه (٣).
__________________
(١) الطبقات الكبرى ١ : ٢٦١. وعن المنتقى في بحار الانوار ٢٠ : ٣٩٣.
(٢) الطبري ٢ : ٦٥٢.
(٣) الطبقات الكبرى ١ : ٢٦١ وثالث المبعوثين الخارجين مصطحبين في ذي الحجة سنة ست ،