وروى القمي في تفسيره بسنده عن الصادق عليهالسلام أيضا قال : كانت اليهود تقول للعرب قبل مجيء النبيّ : أيها العرب ، هذا أوان نبيّ يخرج بمكة وتكون هجرته الى هذه المدينة (يثرب) وهو آخر الأنبياء وأفضلهم ، في عينيه حمرة وبين كتفيه خاتم النبوة ، يلبس الشملة ويجتزئ بالكسرة والتميرة ، ويركب الحمار العاري ، وهو الضحوك القتّال ، يضع سيفه على عاتقه ولا يبالي بمن لاقى ، يبلغ سلطانه منقطع الخفّ والحافر ، وليقتلنّكم الله به يا معشر العرب قتل عاد!.
فلما بعث الله نبيّه بهذه الصفة حسدوه وكفروا به كما قال الله (١).
ومنها : أن اليهود ـ كما مر ـ كانوا فريقين : طائفة منهم بنو قينقاع ، وهم حلفاء الخزرج ، وطائفتا النضير وقريظة وهم حلفاء الأوس. وكانوا إذا كانت بين الأوس والخزرج حرب خرجت بنو قينقاع مع الخزرج ، وخرجت بنو النضير وقريظة مع الأوس ، يظاهر كل فريق حلفاءه على إخوانه حتى يتسافكوا دماءهم بينهم وبأيديهم ، فاذا وضعت الحرب أوزارها افتدوا أسراهم تصديقا لما في التوراة وأخذا به ، يفتدي بنو قينقاع من كان من أسراهم في أيدي الأوس ، ويفتدي بنو النضير وقريظة ما كان في أيدي الخزرج ، ويبطلون ما أصابوا من الدماء وما قتلوا منهم فيما بينهم ، مظاهرة لاهل الشرك عليهم ، فأنبههم الله بذلك فقال : (وَإِذْ أَخَذْنا مِيثاقَكُمْ لا تَسْفِكُونَ دِماءَكُمْ وَلا تُخْرِجُونَ أَنْفُسَكُمْ مِنْ دِيارِكُمْ ثُمَّ أَقْرَرْتُمْ وَأَنْتُمْ تَشْهَدُونَ* ثُمَّ أَنْتُمْ هؤُلاءِ تَقْتُلُونَ أَنْفُسَكُمْ وَتُخْرِجُونَ فَرِيقاً مِنْكُمْ مِنْ دِيارِهِمْ تَظاهَرُونَ عَلَيْهِمْ بِالْإِثْمِ وَالْعُدْوانِ وَإِنْ يَأْتُوكُمْ أُسارى تُفادُوهُمْ وَهُوَ مُحَرَّمٌ عَلَيْكُمْ إِخْراجُهُمْ أَفَتُؤْمِنُونَ بِبَعْضِ الْكِتابِ وَتَكْفُرُونَ بِبَعْضٍ فَما جَزاءُ مَنْ يَفْعَلُ ذلِكَ مِنْكُمْ إِلَّا خِزْيٌ فِي الْحَياةِ الدُّنْيا وَيَوْمَ الْقِيامَةِ يُرَدُّونَ إِلى أَشَدِّ الْعَذابِ
__________________
(١) تفسير القمي ١ : ٣٣.