ولذلك قال بعض أحبار اليهود ـ كما نقله الشيخ الطوسي عن ابن اسحاق ـ ألا تعجبون من محمد يزعم أن سليمان كان نبيّا؟! والله ما كان الّا ساحرا (١) قال : وروي عن الربيع : أن اليهود سألوه صلىاللهعليهوآله عن السحر وخاصموه فيه ، فأنزل الله الآية (٢) فقالت : (وَما كَفَرَ سُلَيْمانُ) باتّباعه السحر والعمل به (وَلكِنَّ الشَّياطِينَ كَفَرُوا) باتباعهم السحر وعملهم به (٣).
ومنها : ما يفهم من قوله سبحانه : (يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَقُولُوا راعِنا وَقُولُوا انْظُرْنا وَاسْمَعُوا وَلِلْكافِرِينَ عَذابٌ أَلِيمٌ) وكأنّ في كلمة «راعنا» شيء من النقيصة والوقيعة والفساد والسبّاب والشتيمة ، كما روى الطوسي في «التبيان» عن الباقر عليهالسلام قال : هذه الكلمة سبّ بالعبرانيّة ، وإليه كان (اليهود) يذهبون. وقال المغربي : فبحثت عن ذلك فوجدتهم يقولون : راع رنا ـ بتفخيم النون واشمامها ـ بمعنى الفساد والبلاء. وكان المسلمون يقولون : يا رسول الله راعنا من المراعاة أي راعنا سمعك حتى نفهمك وتفهم عنّا. فلما عوتب اليهود على ذلك قالوا : انا نقول كما يقول المسلمون. فنهى الله المسلمين عن ذلك وقال : قولوا عوضها : انظرنا اي انظر إلينا (٤).
ومنها : ما يفهم من قوله سبحانه : (ما نَنْسَخْ مِنْ آيَةٍ أَوْ نُنْسِها نَأْتِ بِخَيْرٍ مِنْها أَوْ مِثْلِها أَلَمْ تَعْلَمْ أَنَّ اللهَ عَلى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ أَلَمْ تَعْلَمْ أَنَّ اللهَ لَهُ مُلْكُ السَّماواتِ
__________________
(١) التبيان ١ : ٣٧١ وفي سيرة ابن هشام ٢ : ١٩٢.
(٢) التبيان ١ : ٣٧٠ ومجمع البيان ١ : ٣٣٦.
(٣) سيرة ابن هشام ٢ : ١٩٢ وبه قال الشيخان الطوسي والطبرسي عن قتادة وابن جبير عن ابن عباس.
(٤) التبيان ١ : ٣٨٩ بتصرف ، كما في مجمع البيان ١ : ٣٤٣ بتصرف.