فلو أنّ الله عزوجلترك طينتهم كما أخذها لم تروهم في خُلق الآدميّين ، ولم يقرّوا بالشهادتين ولم يصوموا ولم يصلّوا ولم يزكّوا ولم يحجّوا البيت ولم تروا أحداً منهم بحسن خلق ، ولكنّ الله تبارك وتعالى جمع الطينتين طينتكم وطينتهم ـ فخلطهما وعركهما (١) عرك الأديم (٢) ومزجهما بالمائين ، فمارأيت من أخيك المؤمن (٣) من شرّ لفظ أو زنىً أو شيء ممّا ذكرت من شرب مسكر أو غيره ، فليس من جوهريّته ، ولامن إيمانه ، إنّما هو بمسحة الناصب اجترح هذه السيّئات التي ذكرت ، وما رأيت من الناصب من حسن وجه وحسن خلق ، أو صوم ، أو صلاة ، أو حجّ بيت ، أو صدقة ، أومعروف ، فليس من جوهريّته ، إنّما تلك الأفاعيل (٤) من مسحة الإيمان اكتسبها وهو اكتساب مسحة الإيمان».
قلت : جُعلت فداك ، فإذا كان يوم القيامة قسمه (٥) ؟ قال لي : «ياإسحاق ، أيجمع الله الخير والشرّ في موضع واحد؟ إذا كان يوم القيامة نزع الله عزوجل مسحة الإيمان منهم فردّها إلى شيعتنا ، ونزع مسحة الناصب بجميع ما اكتسبوا من السيّئات فردّها على أعدائنا ، وعاد كلّ شيء
__________________
القيامة ، جاءتفسيره في الحديث أنّ الخبال عصارة أهل النار ، والخبال في الأصل الفساد ، ويكون في الأفعال والأبدان والعقول. النهاية لابن الأثير ٢ : ٩ / خبل.
(١) ورد في حاشية «ج ، ل» : عركه : دلكه وحكّه حتّى عفّاه. القاموس المحيط ٣ : ٤٢٦ / عركه.
(٢) الأديم : الطعام المأدوم. القاموس المحيط ٤ : ٤ / أدم.
(٣) كلمة «المؤمن» لم ترد في «ج ، ل».
(٤) في «ج ، ل» زيادة : التي رأيت فيه.
(٥) ورد في حاشية «ج ، ل» : أي الطين ، ويمكن أن يكون : فمَهْ ، أي فأيّ شيء يكون؟ (م ت ق رحمهالله).