ولو اختارت نكاح أحدهما فالأقرب أنه يجدد نكاحه بعد فسخ الآخر ،
______________________________________________________
من ارتكاب الإجبار في الطلاق ـ وقد أطلقوا بطلانه بالإكراه ـ ومن القرعة التي لا مجال لها في الأمور التي هي مناط الاحتياط التام ، وهي الأنكحة التي يتعلق بها الأنساب والإرث والتحريم والمحرمية ، وأيضا فإن توسط القرعة على الاحتمال الأول لا فائدة فيه ، لأنها إن كانت طريقا إلى تعيين الزوج لم يحتج معها إلى تطليق الآخر وتجديد نكاح من خرجت له ، وإلا فوجودها كعدمها.
فان قيل : فائدتها تعيين من يؤمر بالطلاق.
قلنا : أمر الآخر بالطلاق مناف لما دلت عليه القرعة ، لأن الخارج بها كونه غير زوج ، فلا وجه لأمره بالطلاق حينئذ ، وهذا الاحتمال الأخير لا بأس به.
قوله : ( ولو اختارت نكاح أحدهما فالأقرب أنه يجدد نكاحه بعد فسخ الآخر ).
هذا متصل بالاحتمال الثالث ، اي : وعلى القول بفسخ الحاكم النكاحين لو اختارت نكاح أحدهما قبل الفسخ ، فالأقرب أنه لا بد من تجديد نكاحه بعد فسخ الحاكم النكاح الآخر ، من غير احتياج إلى فسخ نكاح المختار.
ووجه القرب في الأمر الأول : أن مجرد الاختيار منها لا يصيّر من اختارته زوجا لها ، إذ الزوجية إنما تكون بالعقد ، وعقده غير معلوم الصحة للشك في سبقه ، ولا تتحقق صحته إلاّ إذا كان سابقا.
وفي وجه ضعيف ـ وهو قول لبعض العامة (١) ـ أن اختيارها كاف في ثبوت الزوجية للمختار ، للعلم بثبوت عقده ، ولم يعلم ما ينافيه ، وعقد الآخر انتفى بالفسخ.
وليس بشيء ، لأن أحدهما ليس بزوج قطعا ، والاختيار لا يصيّر من ليس
__________________
(١) المغني لابن قدامة ٧ : ٤٠٦ ـ ٤٠٧.