استحباب التجافي خلافا أيضا.
وأمّا الثانية فلأنّ معنى القراءة في النفس لا يتعيّن أن يكون هو القراءة القلبيّة ، إذ يمكن أن يكون المراد منها الإخفاء بها كما شاع التعبير به عنها في الأخبار ، ومنها : ما ورد في الصلاة خلف المخالف مع الاتّفاق على وجوب القراءة الحقيقية فيها.
مع أنّ القراءة في النفس بالمعنى الّذي فهموه ليست قراءة حقيقة ، وليس حملها على هذا المعنى وإخراج القراءة عن حقيقتها بأولى من حملها على الإخفاء.
ولو سلّم فيكون مقتضاها وجوب القراءة النفسية أو استحبابها ، وهذا ممّا لم يقل به أحد ، وكيف يصير ذلك قرينة على استحباب القراءة اللفظية؟! ولو سلّم استحباب ذلك أو وجوبه فأيّ منافاة بينه وبين وجوب القراءة اللفظية حتّى يصير قرينة على استحبابها في سائر الأخبار؟!
ثمَّ الواجب هل هو قراءة الحمد خاصّة ـ كما يقتضيه استدلال بعضهم بحديث : « لا صلاة إلاّ بفاتحة الكتاب » ـ أو مع السورة؟
الظاهر : الثاني وإن كانت القراءة في صحيحة البجلي مطلقة ، لأنّ التعليل المذكور فيها يدل على أنّ المراد منها الحمد والسورة ، وكذلك الأمر بجعل الركعتين أوّل الصلاة.
إلاّ أن يقال بعدم ثبوت وجوب السورة في مطلق الأوليين حتّى في مثل المسألة ، لما عرفت في بحث السورة من انحصار دليل وجوبها برواية مختصّة بصلاة المنفرد الموجبة لانضمام الإمام أيضا بالإجماع المركّب الغير المعلوم تحقّقه في المقام.
وعلى هذا فعدم الوجوب أظهر بل تكون مستحبة.
ولا ينافيه مفهوم قوله : « أجزأته أمّ الكتاب » في الصحيحة ، لجواز كون المراد الإجزاء من الأمر الندبي.
فروع :
أ : لو ضاق الوقت عن قراءة الحمد والسورة بأن لو قرأهما لم يدرك الإمام في