أو كان من أذرع المتعارف من أفراد الناس.
المسألة الثانية : هل هذه الثمانية الموجبة للقصر ثمانية ممتدّة ذهابية ، أو أعمّ منها ومن الملفّقة من الذهابية والإيابيّة؟
المشهور بين القدماء والمتأخّرين الأول ، بل ادّعى جماعة نفي القول بخلافه ، والأخرى الإجماع على بطلان خلافه كما يأتي (١).
وعن العماني الثاني (٢) ، واختاره شرذمة من متأخّري المتأخرين (٣).
والحقّ هو الأول ، للأصل ، والإجماع كما يأتي بيانه ، وظهور أخبار الثمانية والبريدين واثني عشر ميلا ومسيرة يوم ونحوها في الممتدّة ، بل كونها حقيقة فيه ، إذ لا شكّ أنّ الفرسخ والبريد وثمانية فراسخ والأربعة والبريدين ونحوها ألفاظ موضوعة لغة وعرفا لمسافة معينة ممتدّة امتدادا متّصلا في جهة واحدة ، فالفرسخ اسم لاثني عشر ألف ذراع مبتدأة من مبدإ منتهية إلى موضع ، حقيقة فيه ، للتبادر ، وصحة السلب ، فإنه لو سمع الفرسخ يتبادر منه مسافة ممتدة ، وكذا ثمانية فراسخ ، ولا يسبق إلى الذهن من الأول ربع فرسخ متكرر أربع مرّات ، ولا من الثاني فرسخ متكرر ثمان مرات ، ويصحّ سلب الفرسخ من الأوّل وثمانية فراسخ عن الثاني. وكذا بياض يوم وأربع وعشرون ميلا والبريدان وغيرها ، ولا يقال لألف ذراع إنّه فرسخ ، حيث يمكن الذهاب والإياب فيه اثني عشر مرة ، وكذا لا يقال له بريد من هذه الجهة ، ولذا قال جماعة : إنّ المتبادر هو المسافة الذهابية (٤).
وتدل عليه أيضا رواية المروزي المتقدّمة (٥) ، العاطفة « بريد ذاهبا وبريد جائيا » على البريدين ، المقتضي لتغايرهما.
__________________
(١) انظر ، ص ٢٠٦.
(٢) نقله عنه في المختلف : ١٦٢.
(٣) كالذخيرة : ٤٠٦ ، ومفاتيح الشرائع ١ : ٢٥ ، والحدائق ١١ : ٣٢٥.
(٤) المدارك ٤ : ٤٣٨ ، الذخيرة : ٤٠٧ ، الرياض ١ : ٢٤٩.
(٥) في ص ١٨٠.