البختري وهشام السابقتين الآمرتين بجعلها الفريضة ، ورواية أبي بصير السابقة المصرّحة بأنّ الله تعالى يختار أحبّهما.
ودلالة الأوليين ليست بواضحة ، لاحتمال الفريضة فيها الفائتة دون التي يراد فيها الإعادة ، أو المراد أنّه يجعل الصلاة المعادة هي الفريضة التي صلاّها أوّلا دون غيرها من الفرائض ، أو المراد إدراك الجماعة في أثناء الأولى فيجعلها نافلة والثانية المعادة هي الفريضة كما يستفاد من الأخبار المعتبرة.
ولا دلالة للأخيرة أصلا ، لأنّ اختياره سبحانه للأحبّ والأفضل لا يجعلها فرضا تصحّ نيّته فيها.
وهل يختصّ استحباب الإعادة بالمنفرد ، أو يشمل الجامع أيضا كمن صلّى فريضة جماعة ثمَّ وجدت جماعة أخرى سيّما إذا كانت الثانية متضمّنة لمزيّة أو مزايا؟
فيه قولان ناشئان من إطلاق بعض الأخبار المتقدّمة ، بل عمومه الحاصل من ترك الاستفصال ، فيشمل الجامع أيضا.
ومن ظهورها في المنفرد ، لأنّ الظاهر من قوله : « وأقيمت الصلاة » أو : « فتقام » أو : « ثمَّ يجد جماعة » عدم تحقّقها أوّلا فلا شمول في غير الاولى (١) ، وأمّا هي وإن لم تتضمّن مثل تلك العبارة إلاّ أنّها ظاهرة في كون صلاتها الاولى في البيت ، والشائع فيه الفرادى.
وما ذكر في نفي الشمول لغير الاولى ليس ببعيد ، وأمّا ما ذكر لنفي شمولها ففيه منع ظهور كونها في البيت.
فلا بعد في القول الثاني ، إلاّ أنّ الأوّل أحوط ، سيّما مع شهرته الجابرة لما روي عنهم من قولهم : « لا تصلّ صلاة في يوم مرّتين » (٢).
وكذا الكلام فيما لو صلّى اثنان فرادى ، فإنّ في استحباب الصلاة لهما جماعة
__________________
(١) أي الرواية الاولى ، وهي صحيحة ابن بزيع وفيها : « .. وقد صلّيت قبل أن آتيهم ».
(٢) عوالي اللئالي ١ : ٦٠ ـ ٩٤ ، سنن البيهقي ٢ : ٣٠٢ ، مسند أحمد ٢ : ١٩ ، و ٤١.