أهل الصفّ بدون الالتفات بالرأس أو معه أو لم يمكن له للبعد ونحوه. وهذا هو الضابط الصحيح الثابت من الصحيحة في المسألة.
وعلى هذا فلو كان هناك جدار قدّامه إمام ووراءه صفّ ، فإن لم يتجاوز أحد طرفي الصفّ عن محاذاة الجدار إلى حيث يتمكّن من في هذا الطرف من مشاهدة الإمام بطلت صلاتهم جميعا ، وإن تجاوز أحد الطرفين أو كلاهما إلى حدّ لم يمنع الجدار من مشاهدة الإمام ، صحّت صلاة كلّ من يمكنه المشاهدة من هذه الجهة وإن بطلت من حيث التباعد في بعض الصور ، وبطلت صلاة من يحاذي الجدار أو يمنعه عن مشاهدة الإمام وإن لم يكن محاذيا له ، لصدق توسّط الجدار بينهما.
ولو كان قدّام الجدار صفّ يتجاوز عن طرفيه أو عن أحدهما ووراءه أيضا كذلك صحّت صلاة الجميع ، لأنّ من يحاذي الجدار من أهل صفّ الوراء يشاهد أهل طرف الصفّ القدّام ، إلاّ مع حيلولة الجدار عن مشاهدته إيّاهم.
ويلزمه لو كان هناك باب يحاذي المسجد وصفّ جماعة خارجه فإن لم يحاذ الباب أحد وصفّوا عن يمينه وشماله بطلت صلاة الجميع إلاّ إذا تباعد الصفّ عن جدار المسجد بحيث يرى من في طرفيه بعض أهل المسجد.
ولو صفّوا في محاذاة الباب وطرفيه صحّت صلاة المحاذي ومن يليه ممّن يتمكّن من المشاهدة وتبطل صلاة الباقين. ولو صفّ بعد هؤلاء جماعة أخرى صحّت صلاة الجميع. هذا مقتضى الصحيحة ، ويؤكّده قوله في ذيلها : « إلاّ من كان بحيال الباب » بل هو صريح في ذلك.
ومن الأصحاب جماعة (١) صرّحوا بصحة صلاة كلّ من في الصفّ الخارج الواقف حذاء الباب وطرفيه ، واحتجّوا له بأنّ من تجاوز الباب وإن لم يشاهد من الصفّ المتقدّم أحدا ولكنّه يشاهد من بحذاء الباب عن يمينه أو عن يساره والمشاهدة المطلقة كافية.
وفيه : أنّه إنّما يصحّ لو ثبت تعليق الحكم على المشاهدة ، وليس كذلك ، بل
__________________
(١) منهم الشيخ في المبسوط ١ : ١٥٦ ، والعلاّمة في المنتهى ١ : ٣٦٥ ، وصاحب الحدائق ١١ : ٩٨.