الاكتفاء بأحد الأمرين من هذه الجهة أيضا.
وقد تلخّص ممّا ذكرنا جواز الاكتفاء بكلّ من الأمرين كما هو مقتضى القول الأوّل بالمعنى الثاني إمّا لأجل أنّ التخيير هو المرجع عند التعارض أو التقارب الأمرين. والأحوط القصر مع تحقّق أحدهما حذرا عن مخالفة المعنى الأوّل للقول الأوّل.
فروع :
أ : المراد بالتواري عن البيوت أو تواريها عنه التواري من جهة البعد والسير في الأرض ، لا التواري كيف اتّفق ولو لأجل حائل أو وهدة وإن ترى بعده كما توهّم ، لأنّه المتبادر منه في المقام ، لأنّ المراد بيان قاعدة كليّة ووضع ضابطة جلية يترتب عليها حكم التقصير والتمام ، والحائل الّذي قد يكون وقد لا يكون وقد يقرب وقد يبعد فلا يصلح لأن يكون ضابطا كليّا ، وكذا خفاء الأذان.
ب : يكفي سماع الأذان في آخر البلد ورؤية آخر البيوت من البلد في عدم لزوم التقصير ، فالواجب خفاء أذان آخر البلد وتواري آخر بيوتها ، لأنّ الحكم في الأذان معلّق على أذان المصر فيجب أن لا يسمع شيء من أذانه ، وأذان آخر البلد أذان مصر أيضا ، وفي البيوت معلّق على الجمع المحلّى المفيد للاستغراق فيجب خفاء جميع البيوت الذي لا يتحقّق إلاّ بخفاء آخر بيت منه ، سواء في ذلك القرية والبلد الصغير والمعتدل والكبير.
وأمّا ما قيل من أنّه إذا اتّسع خطّة البلد حيث خرجت عن العادة فيعتبر بيوت محلّتها وكذا أذانها (١) ، فلا أعرف له وجها وليس له عندي وقعا ، لإطلاق المصر والبيوت ، مع أنّ المصر يطلق غالبا على البلاد المتّسعة ولذا يقال للبصرة والكوفة المصرين. وأمّا القول بأنّ إرادة المحلّة موافقة في البلاد المتّسعة لإطلاق الأدلّة وفهم العرف فممنوع غايته.
ج : قد أشرنا أنّ المراد خفاء البيت من حيث إنّه بيت ، والمتبادر منه خفاء
__________________
(١) كما في روض الجنان : ٣٩٢ ، والمدارك ٤ : ٤٥٨.