على تعيين أحدهما ، وبينهما أيضا تفاوت فاحش ، وليس كذلك روايات الأذان ، إذ ليس المراد به مجرّد الصوت لأنّه ليس أذانا بل تمييز الكلمات بحيث يفهم أنّه يؤذّن وهو أمر لا يتفاوت.
وعلى هذا فتخرج الاولى عن الحجيّة وتبقى أخبار الأذان كما هو القول الأخير.
قلنا : أمّا الوجه الأول ففيه : منع التفاحش بين المقتضيين ، لأنّ المراد بتواري البيوت كما صرّحوا به تواريها من حيث إنّها بيوت ولا اعتبار بظهور المنارات والقباب والسور وأمثالها ، وتواري البيت لا يتفاوت كثيرا مع تواري الشخص سواء أريد فيهما الشبح أو الهيئة ، لأنّ شبح الشخص يرى من فرسخ بل فرسخين كشبح البيت ، وكذا الهيئة فإنّ كل موضع يمتاز البيت أنّه من لبنة أو حجر أو بيت زيد أو عمرو يمتاز الشخص أيضا ، فلا إجمال من هذه الجهة ، ولو كان تفاوت فليس بأكثر من التفاوت الحاصل بتفاوت سماع الأذان.
وأمّا الوجه الثاني ففيه : أنّه وإن احتمل التواري كلا من الأمرين إلاّ أنّه مع احتمالهما وعدم المعيّن يجب الأخذ بالقدر المشترك وهو تواري الصورة والهيئة عملا بعمومات القصر في السفر ، ولأنّ الشبح ممّا لا يتوارى في بعض المواضع الخالية عن الموانع في أزيد من فرسخين أو ثلاثة فراسخ ، والإتمام في مثله خلاف الإجماع وتنافيه أخبار الأذان أيضا بل يعلم منها عدم إرادته قطعا فلا إجمال من هذه الجهة أيضا.
بل منه يعلم وجه آخر لرفع الإجمال الأوّل ، إذ بعد الحمل على الهيئة يتقارب المعنيان كما أشرنا إليه.
ومن ذلك يعلم ضعف ما قيل في وجه ترجيح مجاز الحذف من أنه أقرب إلى أخبار الأذان ، بل يظهر عدم الاختلاف بين أخبار البيوت والأذان أيضا ، ولا يضرّ التفاوت اليسير فإنّه حاصل على كلّ من الأمرين بخصوصه أيضا ، ومع ذلك مدار أمثال هذه الأمور في الشرع على التقريب كما هو كذلك عرفا أيضا ، وعلى هذا قلنا