ذلك.
ودليل الثالث : أنّه لم يرد نصّ في معنى إقامة الأرض والبلد ، فيرجع فيه إلى ما تعدّ إقامة البلد عرفا ، لأنّه الحاكم في أمثال ذلك. وفرّعوا عليه أنّه لو نوى ما يقال له في العرف : إنّه إقامة ذلك البلد ، فهو يكفي وإن انضمّ إليه التردّد إلى البساتين المتّصلة بالبلد والمحلاّت الخارجة عن سوره ، الغير المنفصلة عن البلد عرفا ، ما لم يصل إلى موضع بعيد يخرجه عن المقيمين في البلد.
وبالجملة ليس معنى الإقامة ولا البلد ونحوه أمرا تحقيقيّا ، بل هما أمران عرفيان ، فالإقامة هي عدم الخروج عرفا ، وقد لا يضرّ الخروج في دقيقة أو ساعة في إقامة مدّة طويلة ، والبلد ونحوه هو ذلك الموضع عرفا وقد لا يضرّ البعد عن بيوته بنصف ميل ونحوه فالمناط فيهما العرفيان.
والظاهر عدم الخروج عن إقامة بلد بالتردّد إلى بساتينه ومزارعة ، المتّصلة به القريبة منه المعدودة عند أهل البلد من بساتين البلد ومزارعه ، ما لم تعدّ في العرف موضعا على حدة مقابلا لذلك البلد ، فيقال : هذا في البلد ، وهذا في الموضع الفلاني وهذا بستان البلد ، وهذا بستان القرية الفلانية.
أقول ـ ومن الله التوفيق ـ : إنّ لنا لفظين ، أحدهما : الإقامة ، وثانيهما : موضع الإقامة من الأرض أو البيت أو المكان أو البلد أو نحوها ، وليس شيء منهما مبيّنا شرعا ، فيجب في تعيين معناهما الرجوع إلى العرف. ولكن اللفظ الأول واحد في الأخبار وهو لفظ الإقامة ، وأمّا الثاني فيجب أولا تعيين المضاف إليه للإقامة ثمَّ الرجوع في استخراج معناه إلى العرف ، فإنّ إقامة البيت غير إقامة المحلّة ، وهي غير إقامة البلد والقرية ، وهي غير إقامة الرستاق والمملكة وهكذا.
فنقول أولا لبيان ذلك : إنّ أخبار الإقامة منها ما لم يذكر فيه محلّ الإقامة وما يقيم فيه ، بل يتضمّن حكم الإقامة مطلقة كصحيحة الخزّاز ونحوها ، ومنها ما يتضمّن الإقامة بأرض كصحيحة زرارة ورواية أبي بصير ، ومنها ما يتضمّن الإقامة بمكان كصحيحة علي ، ومنها ما يتضمّن الإقامة بالبلدة كصحيحتي منصور وابن